عباس الطرابيلى
وحدة الدعاء.. ووحدة التحية!
هل الشخصية العربية واحدة.. هل لأن معظهم من جد واحد ودين واحد وسلوك واحد؟! تعالوا نبحث فى الأمر.
الدعاء - بعد الدعاء بوحدانية الله الخالق الأعظم - والدعاء والصلاة على نبيه محمد خاتم النبيين، نجد الدعاء يكاد يكون واحدًا.
فالمواطن - فى مشرق الوطن العربى - يدعو للحاكم العادل.. ولأخيه أيضا بدعاء واحد لا يتكرر هو: طال عمرك.. أى يهبك الله طول العمر وطول البقاء.. وهذا نجده فى أقصى بقاع العرب شرقًا أى على الشاطئ الغربى للخليج العربى وفى كل بقاع شبه الجزيرة العربية.. وفى أقصى غرب الوطن العربى - فى الشقيقة تونس على سبيل المثال، نجد الدعوة المفضلة هنا: يعيشك.. أى نفس المعنى أن يطول عمرك، وتستمر فى الحياة.. حتى أننا نحيى الوطن وكنا فى مصر لا نهتف إلا للوطن فنقول: تعيش مصر حرة مستقلة، وربطنا بين حياتها.. وبين استقلالها وفى مصر نجد أفضل الدعاء: ربنا يخليك!! أى يبقيك على قيد الحياة.
<< وتحية المساء تكاد تكون هى.. هى.. ففى مشرق الوطن العربى تجد على لسان الكل تعبير «صبحك الله بالخير» وفى المساء: مساك الله بالخير.. وكان أفضل تحية لأبناء الإمارات إذا دخلوا على الشيخ زايد بن سلطان هى «مساك الله بالخير يا زايد».. أو صبحك الله بالخير أبوخليفة.. وفى أقصى مغرب بلاد العرب فإن أفضل تحية هى: مساكم سعيد.. أو صباحكم سعيد.. وهنا فى مصر - حيث قلب الأمة العربية - فإن أفضل تحية هى: نهارك سعيد. أو سعيدة مبارك.. وكان أفضل دعاء عند الوداع فى المساء: تصبحى بالخير.. أى يغمرك كل خير ورزق أو «العواف» أى تتمتعين بالصحة والعافية، أو نجد على لسان الكل عند مغادرة الزائر.. العافية، أى العافية والصحة لكم طوال الليل وإلى أن يجئ صباح اليوم التالى.. تماما كما نختصر التعبير فنقول: سعيدة أى سعيدة ليلتكم.. أى تمضونها بكل هناء.. وسعادة. وهو تعبير مشابه لما يقوله أهل المغرب العربى من ليبيا إلى موريتانيا مرورًا بتونس والجزائر والمغرب: أسعد الله مساكم.
<< بينما شعوب الغرب الأوروبى - حيث الملكيات العريقة - وحيث الديمقراطية ربما مع أو قبل الوصول إلى عهد «الماجنا كارتا» الذى انتزعه الإنجليز من ملكهم الملك جون الأول فى يونية عام 1215م.
فإننا نجد الدعاء المفضل هو: مات الملك.. عاش الملك. أى لا ينتظرون فهم يعلنون موت الملك.. وفى نفس اللحظة يعلنون الولاء للملك الجديد وربما ذلك خوفا من أن يقفز أحد الطامعين إلى العرش.. أى وقبل أن يتم دفن الملك.. يتم تتويج الملك الجديد.. فالملك والحكم لمن جلس على الكرسى.. فقد مات من مات. ولم يعد له ذكر.. والحياة كلها للجديد، القادم، الذى جلس على العرش ربما وجسد الملك الراحل مازال دافئًا!!
<< وربما لهذه الطقوس - الشرقية - بطول العمر ويعيشك.. ينظر الغربيون إلى أننا عاطفيون، لذلك طقوس الحزن عندنا - وبالذات عند المصريين - تمتد إلى 40 يومًا ربما لأنها المدة التى كانت تستغرقها عمليات التحنيط ولف الجثمان بأربعين ثوبا من الكتان.. بل ويتم دفن كل ما كان يستخدمه الملك من أدوات لينعم بها أيضا، فى حياته الآخرة.. أو ربما سعيا إلى الخلود.. فإذا كانت حياته لم تطل فى الحياة الدنيا.. فمن المؤكد سوف تطول فى الحياة الآخرة.. ولله فى شعوبه شئون وشجون!!