لا أعرف من أطلق علي فاتن حمامة تسمية "سيدة الشاشة". لكنها ـ بالتأكيد ـ سيدة القلوب. نحن نحبها. لأننا نحبها. نحب ـ في مراحلها الفنية ـ طفولتنا وشبابنا وكهولتنا والمحطات الفائتة من العمر.
لكل فيلم لفاتن حمامة موقعه في الذاكرة والوجدان. يرتبط بشخصية أو حدث أو قضية. وما قد يعكسه مشهد أو حوار أو أغنية. "لا وقت للحب" علي سبيل. يستدعي نضال الفدائيين المصريين في القناة عام 1951. ومطالع ..1952 حين أطاحت بالمد الثوري انتكاسة أحرقت القاهرة. ودمرت تطلعات المصريين إلي الغد المتحرر. الأفضل.. وكانت ليلي في "الباب المفتوح" تعبيراً عن أزمة المرأة في مرحلة مهمة من تاريخ النضال المصري. سعياً وراء استقلال الوطن. وتخلص نصف المجتمع من الضغوط الذكورية.. أما "أيامنا الحلوة" فهو انعكاس للمرحلة التي عاشها كل الشباب المصري فترات من حياته. فترة التهيؤ للحياة العملية من خلال مشكلات شخصية وعامة. تبلغ ـ أحياناًـ حد المأساة.. وثمة الأفلام التي تعبر عن مراحل مهمة أخري في رحلة المرأة المصرية لتأكيد استقلالها. في موازاة التعبير عن قضايا المجتمع بعامة. حتي مشكلاتنا الاجتماعية أجادت فاتن حمامة التعبير عن بعد مهم فيها. هو مشكلة زيادة النسل من خلال فيلم "أفواه وأرانب" الذي تدور أحداثه في قرية مصرية. أما مشكلة عمال التراحيل.. فإنها قد تحولت في "الحرام" من خلال نص روائي جميل. وإخراج متميز. وأداء مقتدر.. إلي إحدي العلامات المهمة في مسار السينما المصرية.
استهوتني فكرة هذا الكتاب لأحمد يونس. شاب تتماهي حياته مع حبه لفاتن حمامة. فهي قاسم مشترك في الأفلام التي يحرص علي استعادة مشاهدها. وفي الحوارات التي يتبادلها مع أهله وأصدقائه. وفي الرومانسية التي يفتقدها. ويشغله البحث عن معانيها الغائبة. نقرأ عن الشاب الذي انشغل بمتابعة فيلم لفاتن حمامة. فلا يكاد يسمع شيئاً مما يترامي في أجواء غرفته من شتائم ولعنات متبادلة. ألقي بكيانه كله في أحداث الفيلم. منذ أطلت فاتن حمامة بوجهها البريء. وينتهي الفيلم فيشعر "كأنه طائر رقيق يحلق فوق السحاب"!!.. ويقول لفتاته: "فاتن حمامة مش مجرد ممثلة مشهورة. أو فنانة كبيرة وبس. لكنها رمز من رموز الرومانسية.. زي البحر تمام بالنسبة للإسكندرانية".
ذلك الجانب الرومانسي الجميل في فاتن حمامة مغاير لقيمنا الحالية وسلوكيات حياتنا. لا يملك الذين يسرفون في إغماض أعينهم علي رومانسيات الزمن الجميل. إلاأن يضعوه في ذلك الإطار. بصرف النظر عن العصر الأشد استدعاءً لذكرياتهم.