الوطن
د. أحمد عبد الظاهر
قانون للقراءة يا رئيس البرلمان
القراءة مقياس التقدم الحضارى، ولذلك كان من الطبيعى أن تتسابق الدول فيما بينها فى تشجيع ثقافة القراءة لدى مواطنيها وسن التشريعات اللازمة لذلك، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية من أولى الدول التى فطنت إلى أهمية تعزيز ثقافة القراءة وغرسها لدى الأطفال فى سن مبكرة، حيث تضمنت تشريعات التعليم الأمريكية النص على «برنامج القراءة فى سن مبكرة»، وقد ورد النص على هذا البرنامج فى قانون التعليم الأساسى والثانوى لعام 1965م، كذلك، وردت الإشارة إلى هذا البرنامج فى القانون الأمريكى الصادر فى 10 ديسمبر 2015م بشأن تعزيز قدرة جميع الطلبة على النجاح.

وفى عام 2013م، قامت جمهورية الصين الشعبية بإعداد مشروع قانون لتعزيز ثقافة القراءة لدى مواطنيها، حيث لاحظت الحكومة هناك أن الصينيين لا يقرأون بشكل كافٍ، وأن متوسط نسبة القراءة لدى المواطن الصينى يبلغ نحو سبعة كتب سنوياً، بما يقل عن نصف نسبة القراءة لدى المواطن الأمريكى، التى تبلغ 15 كتاباً سنوياً.

ومؤخراً، وتحديداً فى 25 سبتمبر 2016م، أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة المرسوم بقانون اتحادى رقم 18 لسنة 2016م فى شأن القراءة، ليكون القانون الأول من نوعه فى المنطقة، ويمكن القول إنه أول قانون متكامل على مستوى العالم فى هذا المجال، ويقع هذا القانون فى 18 مادة، موزعة على ستة فصول، وطبقاً للمادة الثانية منه، يهدف القانون إلى «ترسيخ سلوك وثقافة القراءة لدى كافة أفراد المجتمع وتهيئة سبل التعلم مدى الحياة، ودعم الإنتاج الفكرى الوطنى وبناء مجتمع المعرفة وضمان استدامة جميع الجهود الحكومية لترسيخ القراءة فى الدولة»، ويحدد القانون مسئوليات الجهات الحكومية نحو تمكين القراءة فى المجتمع، بحيث يعهد إلى العديد من الوزارات -كل فيما يخصه- بمسئوليات معينة تجاه تعزيز ثقافة القراءة، ولعل أبرز ما يسترعى الانتباه فى هذا الصدد هو الحكم الوارد فى المادة السادسة البند السادس، بنصها على أن «تعمل وزارة الاقتصاد والجهات الحكومية المعنية بإلزام المقاهى الموجودة فى المراكز التجارية بتوفير مواد القراءة بما يناسب عدد العملاء واهتماماتهم»، ويبدو أن هذا النص يستقى التجربة الموجودة فى العاصمة الفرنسية (باريس)، حيث لاحظت أثناء إقامتى بها أن المقاهى المحيطة بجامعة السوربون تخصص ركناً فيها يضم العديد من الكتب القانونية وغيرها، وبحيث يمكن لمن يرتاد تلك المقاهى من الطلاب أن يطلع على مؤلفات فى مجال تخصصه أثناء تناول طعام الإفطار أو تناول المشروب الذى يريده. كذلك، توجد فى العاصمة الإماراتية «أبوظبى»، وفى وقت سابق على صدور القانون، مقهى يحمل اسماً مميزاً وهو «كتاب كافيه»، يعرض أشهر الكتب والقصص، بحيث يمكن لمن يرتاده الاطلاع عليها مجاناً وشراؤها إذا رغب فى ذلك، ونرى من الملائم أيضاً الإشارة إلى النص الوارد فى قانون القراءة الإماراتى على التزام وزارة التربية والتعليم بغرس ثقافة احترام الكتاب والحفاظ عليه بين الطلبة، ووضع الإجراءات اللازمة لإعادة استخدامه أو تدويره أو التبرع به. ولم يغفل القانون دور الإعلام فى دعم وتشجيع القراءة، من خلال وضع سياسة إعلامية متكاملة وإلزام وسائل الإعلام العامة المرئية والسمعية والمقروءة بتخصيص برامج ومساحات محددة تناسب كافة فئات المجتمع للتشجيع على القراءة، كذلك ألزم القانون مجلس الوزراء بتخصيص شهر وطنى من كل عام للقراءة، وذلك لحثّ أفراد المجتمع على القراءة، كجزء من أنشطتهم اليومية.

وفى الختام، لا يخفى على أحد تدنّى قيمة القراءة لدى الناطقين بلغة الضاد، حيث تؤكد الإحصائيات أن معدل القراءة فى العالم العربى لا يتجاوز 6 دقائق فى السنة، وأن ما ينشر فى البلدان العربية سنوياً يبلغ كتاباً واحداً فقط لكل ربع مليون شخص، ومن ثمَّ، نتمنى أن تبادر سائر الدول العربية، ومنها مصرنا الحبيبة، إلى إصدار قانون للقراءة، على غرار ما فعل المشرّع الإماراتى مؤخراً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف