زمان كان المماليك يلجأون إلى زيادة المكوس وجمع الضرائب من جيوب المواطنين، كلما ضاق بهم الحال اقتصادياً. حكومة شريف إسماعيل مملوكية بامتياز. إنها تلعب نفس اللعبة القديمة التى تقول: دع التجار المتحالفين مع السلطة فى حالهم، وعليك بجيوب الناس العاديين، فى ترجمة لتلك الزيجة التعسة القديمة المتجددة بين رجال الحكم ورجال المال من أجل تشريد عيال الدولة (المواطنين). فى هذا السياق نستطيع أن نفهم جملة القرارات الأخيرة التى اتخذتها حكومة «إسماعيل» برفع الجمارك بنسب تتراوح ما بين 50% و500% على سلع وصفتها الحكومة بـ«الاستفزازية»، من بينها الثلاجات والغسالات وأجهزة الاستقبال الفضائى، والأقلام الحبر والجاف وخلافه. لا ليس ذلك وفقط بل لقد زفت لنا الحكومة خبراً يقول إنها تدرس تطبيق ضريبة تصاعدية بنهاية العام الحالى. وأول ما يقفز إلى الذهن عندما نسمع كلمة «ضريبة تصاعدية» هم الموظفون!. فالموظفون هم الفئة الوحيدة التى تقبع مرتباتها تحت ضرس الدولة، وتستطيع أن تستقطع ما تشاء منها تحت مسمى الضريبة، هذه الأفكار تطرح فى وقت يصرخ فيه الموظفون من انخفاض مرتباتهم بنسبة (50%) بعد قرار تعويم الجنيه.
الحكومة تريد أن تحلب المواطن إلى أن يخرج دماً، تحاصره من كافة الاتجاهات، لم تكتف بتعويم الجنيه، فأعقبته برفع أسعار البنزين والسولار، وسبقته بتطبيق قانون القيمة المضافة، ولم تتوقف عند هذا الحد بل أغرقته بالمزيد من الجمارك والضرائب، وكأنها تريد أن تقضى عليه قضاء مبرماً. وهى تفعل كل ذلك فى وقت تهدهد وتبغدد فيه رجال الأعمال. هل تذكر ضريبة الأرباح على البورصة التى قررتها الحكومة، ثم قررت تجميدها، ثم جددت قرار التجميد منذ بضعة أسابيع؟. هل تذكر حدوتة الحد الأقصى للأجور؟. هل تذكر الأحاديث التى تواترت حول إدخال أموال الصناديق الخاصة ضمن الموازنة العامة، ثم حالة الصمت الحكومى المريب على هذا الموضوع؟. ولماذا نذهب بعيداً لعلك تابعت اللغط الذى أثير حول قرار رفع الجمارك عن الدواجن، وما قيل عن أنه اتخذ بأثر رجعى لخدمة رجل أعمال بعينه، حتى يمرر شحنة فراخ، وأن التراجع الحكومى عن هذا القرار سيؤدى إلى خسارة مليار جنيه للدولة. لو صح الكلام الذى يقال فى هذا السياق، فإننا أمام حكومة لا تهتم بمال يضيع عليها فى جيوب رجال الأعمال، لأنها تعرف كيف تجمع ما خسرته من جيوب المواطنين العاديين!.
الحكومة تؤمّن رجال الأعمال بدعوى حماية الاستثمارات، وتسحق المواطنين، بدعوى أن المواطن «غنى بس بيستعبط»، وتسلط ذيولها فى وسائل الإعلام لكى يتحدثوا عن الشعب الذى ينصب على الدولة ويدعى الفقر، فى حين يتزاحم على المحلات فى «البلاك فرايداى»، ويقف لساعات فى طوابير لحجز الشقق فى أكتوبر والتجمع. وكأن تلك الآلاف التى يزعمون أنها تتزاحم هنا أو هناك هى الشعب، وينسون الزحام على مستشفيات الحكومة، وسيارات بيع السلع، ومحطات الأوتوبيس والمترو، والعشوائيات. نحن أمام حكومة مملوكية يعمل فيها الولاة كتفاً بكتف إلى جوار التجار وتتسلط فيها أبواق الحكم على آذان العباد من أجل تبليعهم بؤس الحياة التى يعيشونها!.