جريدة روزاليوسف
محمد بغدادى
أدب نجيب محفوظ.. و«قلة أدب» التراث!
وكأن نواب البرلمان فرغوا من مناقشة كل مشاكل وقضايا مصر الاقتصادية والسياسية.. ومارسوا حقهم الأصيل فى إحكام الرقابة على أداء الحكومة.. ووجدوا حلولا جذرية لكل معاناة الشعب المصرى.. ولم يتبق أمامهم سوى روايات نجيب محفوظ (الخادشة للحياء!).. ففى اجتماع لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بالمجلس.. استقرت اللجنة على رفض مشروع قانون العقوبات بإلغاء عقوبة الحبس فى جرائم النشر الخاصة بخدش الحياء.. وجاء التصويت برفض 21 وموافقة ستة أعضاء.. أى أن هناك ستة أعضاء (أى بنسبة 30%) من المجلس يصرون على مخالفة الدستور.. ومن العيب أن تصدر موافقة على مشروع قانون سالب لحرية الرأى.. من عضو برلمانى أقسم على احترام دستور أحد مواده «65» تنص على أن «حرية الرأى مكفولة لكل إنسان.. وله الحق فى القول والكتابة».. والطامة الكبرى ما قاله النائب أبوالمعاطى مصطفى أثناء مناقشة القانون: «بين القصرين والسكرية وقصر الشوق فيها خدش حياء، ونجيب محفوظ يستحق العقاب، بس محدش وقتها حرك دعوى جنائية ضده!». إن البرلمان الذى يسيطر عليه مناخ سلفى ويديره تيار الإسلام السياسى.. ويقدم نائباً محترماً مثل الدكتور سمير غطاس للجنة القيم ويحاكمه.. ويمنعه من الحديث فى الجلسات.. ويتهم النائب هيثم الحريرى الذى يجتهد لكشف الفساد فى بعض المؤسسات بتهم بعيدة عن الصحة.. برلمان بهذا التوجه..عليه أن يعيد النظر فى مصيره.. ومصير بلادنا.. التى ستكون هى الخاسرة فى النهاية. وإذا كان النائب المحترم أبوالمعاطى أزعجته ثلاثية نجيب محفوظ الرائعة.. وادعى أنها خادشة للحياء.. فهل قرأ ماجاء فى كتب التراث التى جمعها وألفها فقهاء وعلماء المسلمين فى عصور شتى! هل تابع ما قيل فى هذه الكتب من عبارات مكشوفة وصفت بدقة أعضاء الرجال والنساء بمسمياتها الدارجة.. وقدمت وصفا تفصيليا للعلاقات الجنسية.. وقرأها القاصى والدانى.. الباحث والمستشرق.. والقارئ العادى.. وطبعت هنا وهناك.. وترجمت إلى عدة لغات أجنبية.. ولم يعترض أى عضو برلمانى سابق أو حالى ليطالب بمحاكمة مؤلفى هذه الكتب! وإذا كان أبوالمعاطى لا يعلم شيئا عن هذه الكتب التى ما زالت تباع فى الأسواق العربية حتى الآن.. فإليك بعض نماذج منها.. ليكتشف بعد أن يطالع العناوين فقط أن نجيب محفوظ كان يحترم الحياء العام بشدة.. وأن كتب التراث ليست فقط خادشة للحياء العام.. ولكنها أيضا (قليلة الأدب!).. وإليك بعض عناوين هذه الكتب: 1 - تحفة العروس ومتعة النفوس: لصاحبه العالم الجليل أبى عبدالله التيجانى.. أحد أئمة المذهب المالكى.. ومعظم المستشرقين اهتموا بتحفة التيجانى وقاموا بنقله إلى أكثر من لغة حية.. ويضم الكتاب 25 فصلًا.. مخصصة للحديث عن معاشرة النساء.. ووصف أعضائهن من حسن وقبح.. وحقوق المرأة على الرجل.. والمفاكهات والمطايبات المتعلقة بالنكاح. واعتمد التيجانى فى تأليفه لهذا الكتاب، على مصادر متنوعة من بينها: كتاب «الأغانى» لأبى الفرج الأصفهاني.. و«إحياء علوم الدين» للإمام الغزالى.. إضافة للأحاديث النبوية.. والآيات القرآنية. 2 - الوشاح فى فوائد النكاح: ألفه العالم الجليل المتبحر فى علوم الدنيا والدين جلال الدين السيوطى المتوفى سنة 911 ميلادى.. وهو من أشهر الكتب الجنسية المتداولة عبر التراث العربى ينقسم إلى بابين.. الأول للأحاديث والآثار الجنسية المروية عن فوائد الجماع شفهيًا بين العرب.. والثانى أربعة أقسام: الأول لأسماء الجماع المرتبة لغويًا.. والمنقولة من كتاب «فقه اللغة» للثعالبي.. والثالث أسماء الذكر.. والرابع أسماء الفرج. 3 - رشف الزلال من السحر الحلال: لجلال الدين السيوطى.. ويروى فيه تجربة ليلة الدخلة لعشرين عالمًا من علماء المسلمين.. كل منهم يتحدث عن ليلته الأولى بين الهزل والضحك.. كأنها سيرة ذاتية تؤرخ لليلته الجنسية الأولى. 4 - نزهة الألباب فيما لا يوجد فى كتاب: لصاحبه شهاب الدين أحمد التيفاشى.. وهذا الكتاب يتحدث فيه عن مختلف الطبقات التى كانت تمارس الجنس فى القرن السابع الهجرى.. والكتاب مقسم إلى 12 قسمًا.. تتضمن الروايات الشفوية والمكتوبة والمشاهدة والرؤيا عن العلاقات الجنسية. 5 - رجوع الشيخ إلى صباه فى القوة على الباه: لصاحبه أحمد بن سليمان.. والكتاب قسمين.. الأول مخصص للحديث عن الرجال فى القوة على الباه.. والباه وهو (اسم) ومعناه : النكاح.. والثانى مخصص للحديث عن مفاتن وتبذل النساء.. وأوضاع وأنواع الجماع. فأى الكتب أكثر خدشا للحياء العام.. يا سيادة النائب الهمام! كتب نجيب محفوظ أم كتب الثراث!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف