المساء
محمد جبريل
قبل أن يعود الجمهور إلي الملاعب
ظني أني كنت في مقدمة الداعين لعودة الجمهور إلي مباريات الكرة. لا أتصور أن الفرق تلعب لنفسها. أو لقلة من أعضاء مجالس إدارات الأندية. المباريات ليست موسيقي الحجرة التي يقتصر عدد مستمعيها علي أفراد. لكنها اكتسبت شعبيتها الجارفة من إقبال الجمهور علي مشاهدتها في الملاعب. وتشجيع فرقها. بل والتنقل وراءها بين الملاعب المختلفة. تشتري التذاكر. وتنفق من حر مالها علي المواصلات. أعرف شخصياً من يفضلون الإنفاق علي مشاهدة المباريات بأكثر مما ينفقون علي لقمة العيش. لكنه هوس الكرة الذي لا يقتصر علي بلادنا. لكنه يشمل كل العالم. حتي اعتبرت الفيفا أهم جمهوريات هذا العصر!
الأحداث التي أعقبت ثورة 25 يناير دفعت أجهزة الأمن ـ ولها الحق ـ إلي منع الجمهور من حضور المباريات. صارت ساحات للمعارك. فقدنا فيها شباباً في عمر الزهور. لا لسبب إلا الفهم الغبي لتشجيع الأندية. وهو ما عبرت عنه روابط المشجعين حين تحولت إلي أولتراس. قلدت مثيلاتها في أوروبا وأمريكا اللاتينية. لكنها استبدلت بالتشجيع الذي يحاول حث اللاعبين علي الإجادة. إلي شماريخ ومعارك وحرائق ودمار وشهداء ومصابين. ثم بدت هذه الظواهر هي القاعدة في محاولات فتح الملاعب للجمهور. تكررت في العديد من المباريات. فظلت أوامر الأمن قائمة باستمرار حظر دخول الجماهير. حتي كدنا نعتبر كرة القدم لعبة تليفزيونية!
اعتبر الجميع امتلاء المدرجات بعشرات الألوف في مباراة مصر وغانا. بادرة مشجعة لعودة الجماهير إلي الملاعب. وتحددت بداية النصف الثاني من بطولة الدوري لاستعادة الصورة التي طال افتقادها. ولأن الطريق إلي الجنة ـ كما يقول المثل ـ لا تتحقق بالنيات الطيبة. فلعلي أشير إلي ضرورة تهيئة الظروف التي تتيح عودة المباريات إلي ما كانت عليه.
أول ما يجب عمله. أن تحسن لجنة الحكام اختيار حكامها. ثمة أخطاء قاسية يرتكبها حكام مهزوزون. تعاني الفرق تخبط قراراتهم. وإذا كان الخطأ وراداً فإن الخطأ المتكرر يسئ إلي قيمة المنافسة. ويدفع اللاعبين والأجهزة الفنية إلي الاحتجاج. وكما نري في كل المباريات. فإن الحكام لا يعدلون عن مواقفهم. مهما كانت جسامة الأخطاء. ويلجأ اللاعبون والمدربون إلي تصرفات تسيء إلي صورة الحكم.
لعل التخوف يفرض نفسه من أن تذكر الاعتراضات علي الحكام جمهور الكرة ـ في حال عودته إلي المدرجات ـ بالعنف الذي حظر دخوله الملاعب بسببه. وتعود ريمة إلي عادتها القديمة.
دراسة الاحتمالات والتوقعات يجب أن يسبق قرار إعادة فتح الملاعب للجمهور. بحيث تتخذ الإجراءات التي توفر الأمن للملاعب واللاعبين والجمهور. وتجعل من المباريات متعة جميلة. لا أتصور أننا نعيد ما حدث في مباراة ملعب الدفاع الجوي. لما دخل الجمهور بقرار متسرع. فحدثت المأساة!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف