عبد الرحمن فهمى
كامل الشناوي .... وشهر ديسمبر
ما يهل شهر ديسمبر حتي اتذكر الكثير.. لعل أكثرها دواماً جلسات المرحوم كامل الشناوي الليلية طوال العام.. ولكن خلال شهر ديسمبر بالذات كان موضوع السهرة الدائم فلسفة "انتهاء عام وبداية آخر" لماذا نحتفل بعام جديد وننسي أن عاماً من عمرنا مضي... هل نحزن لاقتراب أجلنا أم نفرح لقدوم عام جديد... كيف لا نحزن علي الذكريات الجميلة التي مضت ولن تعود ونفرح بالمجهول!!!!
مناقشات فلسفية حتي الصباح "الغناء وقبلات الظلام!!! الظلام المؤقت!!
كان المرحوم كامل الشناوي يعشق الحياة والحرية وكل ما هو جميل..... لذا كانت قصيدته المشهورة عن عيد ميلاده مطلعها: "لماذا عدت أيها الشقي".... ويقصد بالشقي عيد ميلاده....
كان كامل الشناوي يعشق المجهول.. يعشق الليل... لذا كان يسهر طوال الليل ولا ينام قبل الفجر قط.. ولو أدي الأمر إذا عاد مبكراً إلي منزله يقضي ساعات الليل الباقية جالساً علي مكتبه ليقرأ ويكتب حتي الفجر!!!!
"* * *"
كانت سهرته في البداية في كافتيريا فندق سميراميس القديم الأثري أمام كوبري قصر النيل.. كانت هذه الكافتيريا تعمل 24 ساعة.. كان اسمها "نهار وليل" DAY AND NAET.... ولما تم هدم هذا الفندق الأثري الذي شهد أخطر الاجتماعات السياسية هو وفندق مينا هاوس.. نزل في هذا الفندق الأثري القديم ملوك ورؤساء العالم.... اقول في نفس الوقت الذي تم فيه هدم سميراميس كان فندق هيلتون قد تم افتتاحه.. وهو أقدم فندق كبير علي غرار الفنادق العالمية الجيدة... وكان بالفندق أيضاً كافتيريا مشهورة تعمل أيضاً 24 ساعة!!!! وامتاز فندق هيلتون بتقديم وجبات أيضاً غداء وعشاء بجانب الكافتيريا!! لذا انتقلت جلسة كامل الشناوي إلي هيلتون....
كانت جلسة الشناوي تضم عدداً من الشعراء والكتاب... وبجانب كبار السن.. كان كامل الشناوي حريصاً علي وجود بعض الصحفيين صغار السن وكما كان يقول كامل الزهيري الذي كنا نسميه "النقيب الدائم" كان يقول أن الشناوي كان يري شبابه في هؤلاء.... وتمر الأيام ويتضح بعد نظر الشناوي.... فقد برز نجم هؤلاء وأصبحوا من أشهر الصحفيين.....
"* * *"
كان الشناوي يمتاز بكتابة الحِكَم "كسرة علي الحاء وفتحة علي الكاف"... ثلاثة أسطر أو أربعة علي الأكثر تحمل أكثر من معني.. لذلك كان كتابه الشهير الذي جمع فيه كل الحكم التي كتبها عنوانه "ساعات" ومقدمة الكتاب "كلمتان" ــ هما "اكتب ساعات"... ساعات بمعني ساعات بحق يعني يظل يكتب عن ساعات.. وساعات لها معني آخر... معني "أحياناً".. يعني يكتب أحياناً... حسب الظروف....
صلاح نصر.. شك في سلوكه وموقفه من الثورة... فقد كان كلامه دائماً يحمل أكثر من معني.... لذا كتب لافتة ضخمة كان يلصقها علي باب مكتبه سواء في جريدة "الجمهورية" أو حينما انتقل إلي جريدة "الزمان" المسائية وأخيراً الدور السادس بالأهرام!!
.... اللافتة مكتوب عليها بحروف كبيرة "بابي مفتوح ونوري مضاء وصوتي عالي".... وطبعاً معروف عن الشناوي خفة الدم المتناهية وهي صفة يتمتع بها كل أسرة الشناوي... كان هناك حفيد يحرس مرمي نادي الترسانة... وكانت الشكوي الدائمة من اللاعبين لعم شيوبي المدرب الكبير هي بأنهم يقولون خلال المباراة كلما وقع نظرهم علي الشناوي خلال المباراة!!!!
"* * *"
اخذتني سيرة أستاذنا كامل الشناوي التي تستحق كتاباً لا مقالاً... رغم أن شهر ديسمبر ذكرياته الهامة الرائعة كثيرة فإلي عدد آخر.