أعلن البنتاجون في اعتراف ذكرنا باعترافات النيران الصديقة التي استشهد بقنابلها وصواريخها الآلاف من مقاتلي العراق ومدنييه. أن مقاتلاته أخطأت في أهدافها. فقتلت مواطنين عراقيين. ووعد بعدم تكرار ذلك الخطأ.
نسب البنتاجون الي الخطأ غير المقصود استشهاد 54 مدنيا عراقيا في سبع غارات. خلال الفترة من مارس الي أكتوبر الماضي.
أول تعرفنا الي تعبير "نيران صديقة" عند الغزو الأمريكي للعراق. لأن المحاسبة لم تكن واردة. فقد تعددت أخطاء الطيارين الأمريكان بضرب أهداف مدنية. أو معسكرات لما تبقي من القوات المسلحة العراقية. لم يعاقب أي عسكري أمريكي علي الأخطاء التي لو كانت غير متعمدة فإنه يصح نسبتها الي اللامبالاة التي لا يعنيها أرواح البشر. تجسد ذلك ـ كما نعلم ـ في سجن أبو غريب. وقيام مجندة أمريكية بأفعال شاذة مع نزلائه من المواطنين العراقيين.
لقد تكررت الجرائم التي تستدعي الإدانة والعقاب في العراق. وفي سوريا وليبيا والعراق والصومال. جعلت واشنطن من الوطن العربي مجالا لعملياتها العسكرية. تغتال. وتدمر. وتبيد. دون تبريرات توضح البواعث الحقيقية لتلك الجرائم.
لم يعتذر الإعلام الأمريكي عن الجرائم البشعة. ولا أشار الي تعويضات يجب تقديمها لأسر الضحايا. تحولت الأقطار العربية الي مناطق مستباحة. لا يواجه الجيش الأمريكي علي عملياته فيها مساءلة من أي نوع. وهو ما أكدته واشنطن في إعلان سابق. يحظر مساءلة المؤسسات الأمريكية والمسئولين الأمريكان في جرائم الحرب.
أباحت واشنطن لنفسها ما دعت إلي تطبيقه علي الآخرين. في تجاوز غريب ومؤسف لكل القوانين الدولية. ولعلنا نذكر حادثة ضرب مصنع الأدوية في السودان الذي أدينت واشنطن ـ علي المستوي الدولي ـ في جريمة تدميره. لكن المسئولين الأمريكان ترفعوا حتي عن الاعتذار. بينما دفعوا تعويضاً مالياً كبيراً للصين ـ القوة المهمة في زماننا ـ مقابل تكسر زجاج نوافذ السفارة الصينية في سراييفو!
تصر الولايات المتحدة أن تجعل من نفسها وصية علي الوطن العربي. وهي وصاية تعتمد البلطجة في كل ممارساتها.. والشواهد لا حصر لها.
النيران الأمريكية الصديقة ستظل واردة. مادامت الأقطار العربية تحرص ـ في المقابل ـ علي اقتناعها بالحليف الأمريكي.
وعلي الرغم من عشرات القرارات التي صوتت فيها واشنطن داخل قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن. فإن ضرب الحبيب يلتذ له من يجدون في المحاسبة. أو حتي مجرد السؤال. عيباً ينبغي ألا يحدث!