إذا لم يشكل البرلمان لجنة لتقصى حقائق فضيحة إصدار ثم إلغاء قرار الإعفاء الجمركى للدواجن المستوردة الذى اهتبلتنا به، هذا الأسبوع، حكومة شريف باشا، فليتولَّ السيد الرئيس المهمة ويضطلع بتكليف لجنة رئاسية من جهات سيادية تتقصى أسباب ودوافع صدور هذا القرار وتوقيته وما ترتب عليه جمركياً، وأسباب ودوافع إلغاء هذا القرار وتوقيته وما ترتب عليه جمركياً.. وتعلنها علينا!
أعرف أن الرئيس يعرف أكثر كثيراً، ولكن من حقنا أيضا أن نعرف، وباعتبار الخسارة السياسية محققة على الأرض، وانهارت الثقة تماماً فى هذه الحكومة، صارت شبه منعدمة، وقراراتها كالعدم سواء، وسهل طيها وغسلها وكيها، فلنتحسب بالحساب لما هو قادم.
رئيس الوزراء «أبوقرارين» هل كذب علينا فى الأول أو فى الثانى أو فى كليهما، أو كذبوا عليه وورَّطوه، أقله تعرض هو شخصياً لخديعة أولاً أو ثانياً أو خُدِعَ على طول الخط، لن أذهب أبداً مع اتهامات مطلقة السراح بأن قراراته الوزارية مشوبة برائحة الفساد، أو لامسها فساد، أو ولغ فيها مستورد مسعور.
ولا نملك دليلا، وحتى ساعته وتاريخه هى حكومة أشرف من الشرف، بل حكومة شريفة وعديمة الحيلة ولا تحتكم إلا على شرفها، وشرفها رأس مالها، ومع شريف باشا حتى آخر المشوار، عليه أن يثبت سلامة قراراته الأخيرة وأنها نابعة من المصلحة الوطنية ويشرح للرأى العام ما كان منه أولاً وما كان منه تالياً وبينهما سواد الليل.
فى مثل هذه الفضائح الوزارية لا يُستحب صمت رئيس الوزراء ، عليه أن يتكلم بكل وضوح وصراحة وشفافية وبالمستندات وبالإفراجات الجمركية السابقة والتالية على قرار الإعفاء، ومَن صاحب المصلحة ومَن المستفيد، وإذا كان القرار فى المصلحة العامة ولصالح المواطن فلماذا تم التراجع عن المصلحة والنكوص عن صالح المواطن بقرار تالٍ معاكس للأول، ومَن صاحب المصلحة ومَن المستفيد وبالمستندات والإفراجات الجمركية من إلغاء القرار بقرار، مؤكد فيه حاجة غلط إما أولاً أو ثانياً أو الغلط راكب الحكومة من فوق لتحت.
القضية ليست صدور قرار وإلغاءه وإمكانية تبرير هذا الهراء بمصلحة المواطن التى يتم تصديرها كـ«الاستيكر» على كيس الفرخة، هذا الذى حدث من الحكومة يفسَّر على وجوه:
الأول أنها حكومة اعتباطية تتخذ القرارات هزواً متسرعة متعجلة دون دراسات وإعدادات ومعلومات، وهذا ما لا يُحتمل مع شح الموارد ونقص الزاد وغضب الشارع.
وفى وجه آخر، أنها حكومة محكومة من خارجها بمصالح ومراكز قوى تسيّر أعمالها، تحولت إلى حامل أختام لختم القرارات دون حتى فرصة أن تراجعها، أو تستشرف آثارها وتأثيراتها والمتوقع منها والمتخلف عنها.
ومن وجه ثالث، أنها حكومة مكسورة الجناح، وأضعف من الضعف، وحالتها تصعب على الكافر لدرجة أن «شوية فرارجية» لعبوا بها الكرة خلال 24 ساعة، وفرَّجوا عليها الحارة، وبصّموها على ما طلبوا بعد ما سَفَّفها المستوردون التراب.
ومن وجه آخر أنها حكومة ذكية ولئيمة وخبيثة خبث، وتتلاعب بالجميع وتلعب بالبيضة والحجر، وتضرب المستوردين بالمنتجين، وفى الأخير هى مَن تملك القرار، صاحبة القرار.
ولو أنى أشك فى الأخير ولكن العشم مطلوب، على كلٍّ.. أى حكومة تفقد ثقة الشارع عليها أن تغادر مواقعها فوراً وبلا إبطاء، وكل يوم تستمر فيه هذه الحكومة تشكل نزيفاً للثقة بين الرئاسة والشارع، حكومة مش ماليه عين حتى الفرارجية، حكومة بتلحس قراراتها النهارية ليلاً، وقراراتها الليلية نهاراً، حكومة مثل حكومة عبدالفتاح القصرى شغالة بشخط أم حميدة، سيدة البحار، وخلاص هتنزل المرة دى.