المساء
محمد جبريل
ع البحري .. دونالد ترامب.. ووعوده
أخشي أن تراجع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن بعض القرارات التي أعلن اعتزامه اتخاذها عقب فوزه بالرئاسة. قد لا يكون ـ كما تصور البعض ـ جزءاً من اللعبة الانتخابية. ليس في الولايات المتحدة. وإنما في المرحلة التي تسبق الانتخابات. في كل بلاد العالم. بصرف النظر عن طبيعة الأنظمة. هي وسيلة لاجتذاب الناخب بوعود قد يكون المرشح أول من يدرك تلاشيها في الهواء بمجرد جلوسه علي كرسي الحكم.
علي الرغم من أن السنوات التي أمضتها حكومة الوفد. منذ دستور 1924 إلي قيام ثورة يوليو. كانت أخصب الفترات التي انعكست بالإيجاب علي المجتمع المصري. والطبقات الفقيرة بخاصة. فإن الاتهام الذي كان يواجهه مصطفي النحاس ـ وصفه نجيب محفوظ بالطهارة والنقاء ـ إنه دائم القول في خطبه "ستعمل حكومتي" بمعني أنه يسرف في الوعود التي قد لا تتحقق!
اختيارات الرئيس الأمريكي المنتخب تلغي توقع المغايرة. اختار ترامب السناتور ستيف باتون المعروف بميوله العنصرية. ومواقفه المتشددة ضد السود مرشحاً استراتيجياً لرئيس أمريكا الجديد. أي أنه سيكون له الإسهام الأهم في وضع تصور الرئيس لمستقبل البلاد. أما الجنرال مايكل فيلين الذي شارك بجهد وافر في حملة الإسلاموفوبيا داخل أمريكا. ودعاه ترامب نفسه "الكلب المسعور". فقد اختاره الرئيس المنتخب مستشاراً للأمن القومي. وعين ترامب السناتور جيف سيشنز صاحب المواقف المعادية للمهاجرين. والمؤيد علانية لجماعة كلوكس كلان الإرهابية. وزيراً للعدل. وإذ كان ترامب قد قدم وعوداً غير مسبوقة للكيان الصهيوني. فإن تصريحاته المعلنة لم تتغير حتي الآن. وهي تطابق الرؤي بين واشنطن وتل أبيب التي وعد ترامب بأن يستبدل بها القدس عاصمة لإسرائيل. واعتبار المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني من أعمال الإرهاب.
لاشك أن قفز ترامب فوق كل التوقعات الدولية والإعلامية واستبيانات الرأي العام داخل بلاده وخارجها. لم يكن وليد ذاته ولا مصادفة. من انتخبوه وجدوا في رئاسته تعبيراً عن اتجاه سياسي. يقوم علي العنصرية واستخدام القوة. بل والمتاجرة بالقوة. وهو ما تكرر في خطب الرئيس الأمريكي المنتخب خلال حملته الانتخابية. نسب إلي قوة واشنطن دفاعها عن أقطار الخليج وكوريا وتايوان وغيرها من البلاد التي قد تجد في مواقف الولايات المتحدة مناصرة لها. لكن التاجر القديم. الحديث العهد بالعمل السياسي. تناسي الودائع الخليجية الهائلة في البنوك الأمريكية والشركات المتعددة الجنسيات.
دونالد ترامب تعبيرر عن منطق استعماري تدين به الأغلبية السياسية في الولايات المتحدة. وهو ما لم يتحقق في الأغلبية الشعبية بمن فيها من السود والمهاجرين الجدد. أعني هؤلاء الذين لم تتلوث أيديهم بدماء أصحاب البلاد الأصليين.
إن نظرتنا إلي العلاقات مع واشنطن في عهود كل رؤسائها. ينبغي أن تتجاوز التبعية. وتنطلق من الحرص علي الاستقلال الوطني القومي. والسعي إلي الشعوب الرافضة ـ في عمومها ـ للعنصرية والاحتكارات وفرض الهيمنة الاستعمارية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف