أتمني أن تصدق توقعات إخواننا الذين فرحوا بفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية.. وألا تصدق عليه نبوءة "الصديق الجاهل" الذي يضر صديقه ولا يجدي له نفعاً.
المشكلة أن كل ما جاءنا حتي الآن من ناحية ترامب لا يبشر بالخير.. فمنذ أن خرجت مظاهرات في عدة مدن أمريكية اعتراضاً علي فوزه بالرئاسة ودعوة ولاية كاليفورنيا للانفصال والتحليلات السياسية التي تدور حول الرجل واختياراته تعطي صورة سلبية يوماً بعد يوم.. علي الرغم من أنه ليس صاحب تاريخ سياسي يمكننا من معرفة توجهاته.. لكن الاهتمام ينصب أكثر علي تحليل مضمون الخطابات والتصريحات التي تصدر عادة في مواقف طارئة.
وقد خرجت مظاهرات أخري في عدة مدن أمريكية اعتراضاً علي تعيينات ترامب لفريق معاونيه ووزرائه.. بعد أن تبين أن الرجل ينتقي العناصر اليمينية المتطرفة المتعصبة.. الغارقة في عالم المال والأعمال.. ومعظمهم من الوجوه المعروفة بعدائها للإسلام والمسلمين علي وجه الخصوص.. وهو ما اعتبره المتظاهرون تحدياً صريحاً وتعدياً علي حقوق المسلمين والإسلام بلغ ذروته بتعيين مايكل فلين مستشاراً للأمن القومي.. وهو الذي يسب الإسلام بكل وضوح ويتهمه بأنه دين إرهاب ودم.. ولذلك يري المتظاهرون في اختيارات ترامب المعلنة حتي الآن خطراً داهماً علي أمريكا والعالم ومنطقة الشرق الأوسط تحديداً.
ومنذ يومين أعلن ترامب عن اختيار الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس لمنصب وزير الدفاع.. وقد قدمه للجمهور بالاسم المعروف به وهو "الكلب المسعور".. لم يخجل ترامب من ذلك.. ولا أظن أن ما تيس نفسه يخجل من هذا الاسم الذي اكتسبه من خلال إشرافه لعدة سنوات علي جهود الحرب الأمريكية في الشرق الأوسط.. خاصة الحرب علي العراق وقبلها علي أفغانستان.. حيث نفذ عدة عمليات إجرامية صعبة.
ويقال إنه حصل علي لقب "الكلب المسعور" بسبب مشيته المختالة التي اكتسبها في المعارك التي شارك فيها.. ولغته الفظة التي تشتهر بها عناصر قوات المارينز.. وقد نقل عنه قوله: "كن مؤدباً.. كن مهنياً.. ولكن لتكن لديك خطة لتقتل جميع من تقابلهم".
ويبدو ـ والله أعلم ـ أن اختيارات ترامب للمناصب الوزارية والمواقع المهمة في إدارته تنحصر في "الكلاب المسعورة" الذين يشبهونه في الجهل والفظاظة والتكبر والغرور والافتقاد للخبرة السياسية وكراهية الآخر واحتقار المرأة ورفض المهاجرين الأجانب.. عندما كان هذا الفريق له سمات سياسية من قبل كان يطلق عليه اليمين المتطرف.. أو المحافظون الجدد.. لكنهم اليوم أكثر شراسة.. لذلك يسمون أنفسهم "الكلاب المسعورة".
وتكاد تجمع التحليلات السياسية علي أن الشخصيات الستة التي استقر ترامب فعلاً عليها في مواقع المسئولية لهم ملامح سياسية متقاربة.. ويتجانسون في رؤيتهم لما هو خارج أمريكا.. لنكتشف أننا أمام فريق قومي متعصب مثير للريبة.. مهتم فقط بالولايات المتحدة وتفوقها.. وسوف يشكلون بلاشك إدارة محافظة صارمة علي قدر كبير من التعصب والعنجهية لم تمر عبر التاريخ الأمريكي.
وإلي جانب هذه الملامح المثيرة يشترك رجال ترامب ونساؤه في ارتباطهم الشديد بإسرائيل.. بل بالجناح المتشدد في الحكومة الإسرائيلية.. جناح ما فوق الليكود.. ولهم مواقف صريحة فيما يتعلق بنقل السفارة الأمريكية إلي القدس.. والاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة أبدية وموحدة للدولة اليهودية.. وتجاهل المطالب الفلسطينية المشروعة.. وهو نفس التوجه الذي يحمله ترامب.
وبالإجمال.. فإن نظرتهم إلي العرب سلبية وعنصرية.. والخطير أن هذه النظرة تلتئم مع نظرة اليمين العنصري المتصاعد في أوروبا.. الذي لا يري فينا إلا قطيعاً من الكائنات المنقرضة.. أو التي يجب أن تنقرض.