المصرى اليوم
حمدى رزق
الاستفتاء الروسى!!
لفتنى باكراً وعلى شبكة «روسيا اليوم/ RT» الفضائية استفتاء عن أبرز شخصية عربية لعام 2016، وتحته عشرون اسماً لملك ورئيس وأمير يتقدمهم الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، وتنتهى القائمة بزعيم التيار الصدرى العراقى مقتدى الصدر، وتحت الأسماء (صوّت).

«روسيا اليوم» افتتحت سباق الأبرز مبكراً باستفتاء سياسى على مستوى القمة العربية، وتوقعات بعشرات السباقات التصويتية المماثلة تبدأ وتنتهى جميعاً بأفعل التفضيل على مختلف القمم، المهرجان السنوى للأفضل، هدايا وخصومات للفائزين والعاقبة للمصوتين.

لا يزيد السيسى شعبية كونه شخصية 2016 فى الاستفتاء الروسى أو الأمريكى أو البوركينى، ربما هذا اللقب الروسى يلزم آخرين ينفقون على الفوز فى مثل هذه الاستفتاءات إنفاق من لا يخشى الفقر، وتفرق معاهم صورهم باسمين أو متحدين أو متخابثين على الأغلفة الملونة.

فى مصر تحديداً هرِمْنا ومللنا من هذه الحدوتة المتكررة التى نمضغها كالعلكة من السنة للسنة، ولا ينقص من شعبية الرئيس كونه جاء تالياً لزيد أو عبيد أو ابتعد بمسافة عن مقدمة السباق الذى سينفجر فى وجوهنا مع نهاية العام.

ومن الغباء السياسى حشر اسم الرئيس فى مثل هذه الاستفتاءات، أو الحشد للرئيس إذا حشره آخرون فى استفتاءاتهم، معلوم بدون السيسى وأصوات المصريين أى استفتاءات فى المنطقة العربية أو عنها منزوعة الدسم، ولنرتق بالرئيس ونبتعد بشخصه بمسافة عن هذه الاستفتاءات الوهمية الموهومة المتوهمة.

افتكاسات شخصية العام، وغلاف التايم، وينافسه غلاف النيوزويك، ثبت مراراً اهتراء نتائجها وتراجع متصدرى استفتاءاتها إلى خلفية المشهد إذا خالفت النتائج رؤية مجلس تحرير العالم، وفى هذه الفضائح تروى قصص وحكايات.

الأكثر تأثيراً، والأقوى، والأهم، وكل تنويعات أفعل التفضيل المفضلة لختام العام واستقبال عام جديد، تحولت إلى بضاعة سياسية محملة على هواتف ذكية، تشغل الناس كثيراً وينشغل بها المتابعون، وتتصدر النشرات، لكنها فى الأخير لا تشكل تأثيراً فى المسار العام، ولا تخلع على رئيس زعامة، ولا تضيف لعالِم عِلماً، ولا لنجم موهبة، لكنها عملية تدوير لشخصيات للإلهاء والتلهية.

فضلاً عن عبثية كثير من هذه النوعية من الاستفتاءات تحديداً على المستوى المحلى، فإنها على المستوى الإقليمى عادة ما يجتاحها رفض أو تأييد الكتائب الإلكترونية، هل يتخيل أن تمرر كتائب الإخوان استفتاء يتقدمه السيسى؟.. سيعتبرون إسقاطه من قبيل الجهاد، وفرض عين، وقربى إلى الله، هل يمرر المصريون استفتاء يلمحون فيه صورة «تميم» أمير قطر؟.. سيسقطونه من فوق الإمارة، وهكذا تشيع التحزبات والنعرات وتتجدد الشوفينيات وتستيقظ معلنة عن نفسها فى صورة بائسة لوطن مهلهل ممزق شيعاً وأحزاباً.

لافتٌ الاستخدام السياسى لهذه الاستفتاءات، وترتيبها سلفاً لإظهار نتائج لا تعبر عن واقع مُعاش، ولربما لتشكيل وعى زائف بشخص زائف تنصّبه فوق الهامات زعيماً أو ملكاً أو رئيساً أو حتى أميراً على القلوب، تنصيب هذا أو ذاك باعتباره من ذوات الأكثر، والأفضل، والأهم.. ليست هكذا استفتاءات شفافة لطيفة ولكنها عمل سياسى قذر يستبطن ما لا يعلن أبداً خلف الأغلفة المزينة بأحصنة السباق الفائزة.

وفى الأخير الاستفتاءات بضاعة صناعة إعلامية قررها الغرب كالمقررات المدرسية، لا تضيف لرصيد ولا تخصم من رصيد، الرصيد المتحقق على الأرض هو محبة الناس، وهذه تساوى كنوزاً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف