محمد جبريل
ع البحري .. فرص الصناعة الوطنية
لا يختلف اثنان في أهمية تقليل الاستيراد. وزيادة الصادرات. وتنمية الناتج القومي في المجالات المختلفة. بعد أن أدت زيادة الاستيراد في السنوات الأخيرة إلي عجز في الميزان التجاري قارب الخمسين مليار دولار.
الترشيد مطلوب. سواء للحكومة التي يشغلها ايجاد الموارد لتنفق منها علي الخدمات ومشروعات التنمية. أو للصناعات الوطنية التي تواجه منافسة غير متكافئة أمام الواردات الأجنبية علي مستوي الجودة أو السعر المنافس. أو للمواطن الذي يعنيه في الأمر أن يحصل علي السلعة المرتفعة القيمة. والأقل سعرا. تشابك هذه العلاقة وترابطها هو الهدف الذي تتشارك في طلبه محاولات خفض عجز الميزان التجاري. لأن بلوغ ذلك الهدف يعني - بأبسط عبارة - وصول السلعة الجيدة إلي المواطن بسعر يقوي علي دفعه.
القرارات الاقتصادية الجديدة. وفي مقدمتها التعريفة الجمركية التي تستهدف تخفيض الاستيراد وتشجيع الصناعة الوطنية. يجب أن يرافقها تغير في نوعية الناتج المحلي. فمن غير المتصور أن نطرح للمواطنين منتجات متدنية القيمة. مرتفعة السعر. بل إن تدني القيمة لا يقتصر علي الخامة التي قد لا تكون في مستوي مثيلتها المستوردة. لكنها - في أحيان كثيرة - تعاني الغش التجاري الذي صار - للأسف وسيلة بعض رجال الأعمال لبيع منتجات مغشوشة. أو فاسدة. بأسعار تغالي في طلب الربح.
لدينا أكثر من جهة لحماية المستهلك. ما بين حكومية وأهلية. تتفق جميعها في دعوة المستهلك لأن يمتنع عن شراء المنتجات المغالي في أسعارها. وهي دعوة لا بأس بها. لكنها تفقد جدواها إن لم ترغبنا المنتجات علي الشراء فعلا. فلا تطالعنا الصحف ووسائل الاعلام - في صورة شبه دورية - بأخبار مداهمات مخازن للمواد الغذائية الفاسدة. كميات هائلة من الطعام في مولات كبري. يؤدي وصولها لموائد المواطنين إلي تفشي العديد من الأمراض الخطيرة. وهو ما يطالعنا في زيادة حالات الفشل الكلوي والكبدي والسرطان وغيرها مما يعود في الدرجة الأولي إلي فساد الضمائر وفساد الغذاء.
صناعات بئر السلم. أو ما يشبهها. وجه آخر للفساد الذي يجب أن نجتثه في محاولاتنا لترغيب المواطن في شراء المنتجات الوطنية. لا معني للشرط علي المواطن. حين يشتري الثلاجة أن يعتاد اللجوء إلي مركز الصيانة. بما يعنيه من مصاريف باهظة. ومن الظلم أن يشتري حذاء يطل منه إصبعه بعد أيام من استخدامه. أو يستعمل ثيابا تفقد صلاحيتها وتختلط ألوانها فور أن يقاربها الماء. وقد حاولت شخصيا أن استعمل أقلام الحبر الجاف المحلية الصنع. لكنها رصعت ثيابي - بالغش والجشع - يجبرها السائل! وهي الأقلام التي صدرت بها قرارات زيادة التعريفة الجمركية.
لا أحد يرفض تشجيع المنتجات الوطنية. لكن ميزانية البيت المصري تطمح إلي المنتج الصالح للاستهلاك الآدمي. بالسعر الدافع للشراء!