أحمد السرساوى
نوبة صحيان .. مطبخ «المخابرات» العالمي!!
المطبخ ليس بعيدا عن السياسة.. ولا عن عالم المخابرات أيضا!!
و يقولون إن العلاقات الدولية تشبه «طاجن» المأكولات البحرية أو «السي فود» يغلي داخل فرن الأحداث الساخنة.. سطحه يبدو هادئا وداخله يفور.. سقفه مكشوف ونراه، وبطنه غامض متحرك ومتشابك ومجهول ومملوء بكل أنواع الصلصات والتوابل والشطة والأسماك!!
ويؤكد الخبراء أن فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة وتلاحق الأحداث في المنطقة العربية والشرق الأوسط (وهذا هو الجزء الظاهر)..سيغير عالم الأشباح أو مجتمع المخابرات الدولية أيضا بكل خفائه وغموضه.. ليس في أشخاصه فقط ولكن الأهم في تركيبته وطريقة أدائه، وهو ما يعني حدوث زلزال أو ثورة مخابراتية لن نشعر بها أو نراها.. لكن توابعها ستصل للكرة الأرضية كلها .
● في الولايات المتحدة.. أعلن ترامب مرارا أنه لا يثق في تقارير أجهزة المخابرات الأمريكية الحالية (أكثر من 17 جهازا أشهرها وكالة المخابرات المركزية) وأن أكبر الأخطاء التي ارتكبتها بلاده سابقا، كانت بسبب معلومات غير دقيقة من تلك الأجهزة.
من هنا يُعيد تشكيل هياكلها الآن.. فقد كلَف مايك بومبيو عضو مجلس النواب عن الحزب الجمهوري برئاسة وكالة الاستخبارات المركزية، وهو السياسي المعروف بمعارضته للاتفاق النووي «المهين» علي حد وصفه مع إيران، كما عين الفريق مايكل فلين الرئيس السابق لاستخبارات البنتاجون أو وزارة الدفاع المشهور بمواقفه الصلبة تجاه التنظيمات الإسلامية المتطرفة في أحد أهم المناصب الأمنية الأمريكية وهو مستشار الرئيس للأمن القومي، وهو ما يستتبعه تغييرات هائلة في الفكر الاستخباراتي الأمريكي سواء في طرق جمع المعلومات التي ستعتمد أكثر علي التكنولوجيا والتصنت ، أو في غيرها.
● وفي بريطانيا.. تم تعيين رئيس جديد لجهاز الاستخبارات البريطاني (إم آي 6) المسئول عن نشاطات التجسس خارج المملكة المتحدة، والذي حذر منذ ساعات قليلة من حجم التهديدات الإرهابية ضد بلاده واصفا إياها بأنها «غير مسبوقة».. مشيرا إلي أن أجهزة الأمن البريطانية أحبطت 12 مخططا إرهابيا خلال العامين ونصف العام السابقين فقط!!
وهو التصريح الذي يجب ألا نقرأه بعيدا عما قالته تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية في البحرين منذ ساعات بأن «المعلومات» التي تلقتها لندن من العاصمة السعودية الرياض أدت لإنقاذ المئات من أرواح الأبرياء في بريطانيا، وهو الموقف الذي يتناقض مع ما أعلنه وزير خارجيتها في نفس التوقيت تقريبا مهاجما السياسة الخارجية للسعودية.. ما يعكس سرعة التحولات في المواقف الدولية وفي القلب منها عمل المخابرات لدرجة تسبق عمليات «التنسيق والتخطيط السياسي» داخل دولة عظمي كبريطانيا!!.. ويصب كل ذلك في إعادة تشكيل ملعب المخابرات الدولية والعلاقات بين أعضائه واللاعبين الرئيسيين فيه، وهو ما ينطبق أيضا علي أجهزة الاستخبارات التابعة للقوي الدولية والإقليمية الكبري من روسيا إلي فرنسا وصولا للصين واليابان والهند، وحتي في الشرق الأوسط خاصة في اسرائيل وتركيا وإيران وباكستان، إضافة إلي أطراف عربية قوية ومؤثرة.
ما يهمنا هنا.. أن مصر عضو فاعل في هذا الملف شديد الأهمية للعالم أجمع، ووجودنا فيه مؤثرا للغاية ونشارك في صياغته كلاعب أساسي، فنحن أولا في قلب المنطقة المشتعلة.. ونرأس لجنة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن الدولي الذي نشرف حاليا بعضويته غير الدائمة، وهي اللجنة المُنسقة لهذا النشاط في العالم.. كما نشرف بعضوية لجنة الأمن والسلم بالاتحاد الأفريقي، وهو ما يعني أن القاهرة عامل مشترك «محترم» لكل أوجه هذا التعاون.. باختصار نحن نشارك في اعداد «الطبخة» ولا ننتظر ما يعده لنا الآخرون لنأكله مُرغمين علي الجاهز!!