مدبولي عثمان
شباب ال "كول سنتر" والتكلفة المهدرة..!!
اتصلت بأحد الاصدقاء أطلب منه توفير فرصة عمل مناسبة لشاب مجتهد أنهي دراسته الجامعية بتفوق . وأدي الخدمة العسكرية الإلزامية ويجيد اللغة الانجليزية وحاصل علي دورات متقدمة في الكمبيوتر وكانت الاجابة صادمة وهي ¢فرص العمل المتوفرة في مجال الكول سنتر والمبيعات فقط¢ وتصادف ان تقابلت مع مجموعة من الشباب وعرفت أن غالبيتهم يعمل في احد مراكز الكول سنتر واصابتني الدهشة عندما علمت أن من بينهم خريجي كليات العلوم والزراعة والهندسة وسر دهشتي لا يتعلقپباحتقار هذا العمل أو التقليل من القائمين به فهو عمل شريف ولكنه يتعلق بطبيعته لانه عمل بسيط وهو مجرد الرد علي استفسارات وطلبات الجمهور عبر الهاتف ويمكن ان يقوم به شاب حاصل علي مؤهل متوسط أو شهادة الاعدادية ولا يحتاج أبدا لفكر وجهد شباب جامعي أنفقت الحكومة وأهاليهم مليارات الجنيهات علي تعليمهم .
وهنا يجب أن تكون لنا وقفة جادة لوقف اهدار مئات المليارت من الجنيهات التي تنفق علي عملية تعليم وتأهيل عشرات الملايين من الشباب التي تستمر 16 عاما هي مراحل التعليم من الابتدائي حتي الجامعة ويبلغ عددهم طبقا للاحصائيات الرسمية 20 مليون طالب وطالبة.
ينبغي علي حكومتنا الرشيدة أن تدرس اقتصاد التعليم economic of education وهو بحسب تعريف الموسوعة العربية: ¢فرع من فروع علم الاقتصاد يبحث في الجوانب الاقتصادية للعملية التربوية بما تتضمنه من تعليم وتدريب في جميع المراحل ومنها تعليم الكبار وتدريبهم. وكذلك تدريب العاملين في أثناء الخدمة والقوي البشرية المتعطلة والباحثة عن عمل. ويهتم اقتصاد التعليم بتكاليف التعليم ومردوده وبالعلاقة بين النفقة والمنفعة. سواء علي مستوي الفرد أو علي مستوي الاقتصاد الوطني¢.
وأدعو القائمين علي العملية التعليمية أن يتعمقوا في دراسة تكلفة التعليم وهي تعني وفق دراسة د.عليان عبد الله الحولي : ¢مجموع النفقات المالية وغير المالية الحالية أو المتوقع إنفاقها لإنتاج مخرجات معينة من القوي البشرية المجهزة بالمعارف والمهارات والاتجاهات الأساسية التي تمكنهم من التكيف مع الحياة والإنخراط في أحد أنشطة المجتمع¢. بل ينبغي عليهم ان يتعلموا قياس فاعلية التكلفة في التعليم ويقصد بها تقويم التكلفة بربط النتائج أو المنافع المتحققه بتكاليفها وذلك بغرض تحديد التكاليف التي يمكن أن تعطي أفضل النتائج أو المنافع بأقل التكاليف.
وتكلفة التعليم في مصر تتقاسمها الاهالي والدولة وتتوزع ميزانية الدولة علي قطاعات التعليم المختلفة وهي "التعليم قبل الجامعي- التعليم العالي- التعليم غير محدد المستوي- خدمات مساعدة التعليم- البحوث والتطوير في مجال التعليم" . أما القسم الذي يتحمله الأهالي وتتوزع علي الدروس الخصوصية وعلي الكتب والكراسات والزي المدرسي .
وبلغت مخصصات التعليم في موزانة پ2016 - 2017حوالي 103.9 مليار جنيه. ووفقا للنائب إبراهيم عبد العزيز حجازي. عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب. فانها تقل كثيرا عن الحد الأدني المشار إليه في الدستور. والتي تمثل 4% من الناتج الاجمالي القومي ورغم أن المبلغ ضئيل فانه يوجد خلل كبير في توزيعه علي ابواب الانفاق حيث تلتهم الأجور وتعويضات العاملين علي أعلي نسبة من ميزانية التعليم بحوالي 82% . بينما خصص لباب الاستثمارات 10,48% . وحصل باب السلع والخدمات علي 6.4% . وباب المصروفات الأخري علي 73.0% . وباب الدعم والمنح علي 21.0% . وأخيراً باب الفوائد بنصيب 029.0%
أما التكاليف التي يتحملها الاهالي فلا تقل عن المخصصات الحكومية ويشير تقرير منظمة اليونسكو الدولية إلي ان المصريين يدفعون 2.4 مليار دولار أمريكي علي ما يعادل 46 مليار جنيه سنويا في الدروس الخصوصية فقط .أما انفاق الأهالي علي الانتقالات ومستلزمات تعليم الابناء فتبلغ 8 آلاف للطالب الجامعي سنويا طبقا لدراسة أجراها مجلس السكّان الدولي. وهي منظّمة مقرّها الولايات المتّحدة الأمريكيّة وتمتلك مكتباً في مصر. 2100 جنيه سنويا لطالب الابتدائي. ترتفع الي 3 الاف جنيه للاعدادي
و5 آلاف جنيه في المرحلة الثانوية. ولكم ان تتخيلوا التكلفة الهائلة التي يتحملها الاهالي اذا علمنا أن عدد الطلاب في مرحلة ما قبل الجامعي في مصر وفقا لاحصائيات الإدارة المركزية لنظم وتكنولوجيا المعلومات تبلغ 18.555.232 طالبا وطالبة . واحتل الطلاب بالمرحلة الابتدائية النصيب الأكبر ليصل عددهم إلي 9.906.249 طالبًا وطالبة. والمرحلة الإعدادية 4.337.705 والثانوي العام 1.455.472 طالبًا وطالبة. وعدد طلاب الجامعات فيقدر بحوالي 1.5 مليون طالب وطالبة.
هذه التكلفة الباهظة ونحن نتحدث عن التعليم الحكومي المفروض وفقا للدستور ان يكون مجانيا. وتتضاعف التكلفة بشكل كبير اذا اضفنا تكلفة التعليم الخاص .
فمتي نفهم اقتصاديات التعليم حتي يمكننا استثمار المؤسسات التعليمية لمواردها المتاحة المخصصة لها واستخدامها الأمثل لمواردها البشرية والمادية لأقصي كفاءة ممكنة بهدف تحقيق التوازن بين تكلفة العملية التعليمية وإنتاجيتها.