الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
قصة اختيار أحسن لاعب
شهر ديسمبر بالذات له ذكري لا تنسي.. ففي هذا الشهر كانت "الجمهورية" تقيم عرسا وأي عرس.. ففي خلال الخمسينيات والستينيات حتي عام 1967 كانت الرياضة وكرة القدم بالذات "واكله الجو".. كل مصر مشغولة بالأهلي والزمالك بالذات.. كل وسائل الاعلام وكل الوان الفن... سينما ومسرح ومسلسلات والاغاني بالذات... بل كل المسئولين... كبار المسئولين رؤساء أندية أو اتحادات ولجنة أولمبية "كان حسين الشافعي رئيسها الدائم"... وهناك قصص مشهورة... مصر كلها أهلي أو زمالك!!! حتي قيل بعد نكسة 1967 أن أم كلثوم والكورة هما سبب النكسة!!! لاعب مغمور كان اسمه لمعي يلعب في المنصورة كان هداف الدوري شغل مصر كلها لانه قرر الانتقال إلي الأهلي.. بدرجة أن وزير رياضة كان اسمه خيري استدعاه وأمره بالانضمام للزمالك والا سيتم شطبه كلاعب!!! بدرجة أن هذا اللاعب الصغير الآتي من الأرياف كان يسأل من حوله وهو يترك منزل الوزير : هو مين ده... وبيشتغل ايه!!! يشطب مين انا اشطب عشرة زيه!!!
في هذا الجو الكروي الذي سيطر علي مصر كلها... الافلام التي يمثل فيها صالح سليم أو عادل هيكل أو طاهر الشيخ أو جمال عبدالحميد كانت الطوابير أمام دور السينما... جمال عبدالحميد كان بطل مسرحية أمام عدد من نجمات مصر!!! الكبار المشهورات!!!
* * *
في هذا الجو... تلقيت مظروفا ضخما من أحمد مكاوي أحد محرري الجمهورية والمساء... المظروف فيه عدد من مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية المشهورة فيها صفحات عن اختيار فرنسا "أحسن لاعب كرة هذا العام"... علي هامش احدي الصفحات كتب مكاوي لي : لماذا لا يكون هذا عندنا ايضا... فقط... فقط... ست كلمات كانت عبارة عن سلك كهرباء هز جسدي بعنف.
عندما تكون هناك هواية وحب للمهنة تؤدي العمل بقلبك مع عقلك!!! معا وقد كان... قررنا إدخال مسابقة خير لاعب كرة كل عام... مثل كل دول أوروبا... وفي هذا الجو الكروي المجنون اقمنا أول استفتاء عام ...1959 وبلغ من شعبية الاستفتاء أن اتصل بي وزير الشئون الاجتماعية توفيق عبدالفتاح ليهنئني علي الفكرة تليفونيا وفي نفس الوقت دخل مكتبي المرحوم فتحي نصير مدير مكتب الوزير جاء ليقول لي :
مش يصح برضه دعوة الوزير ليرأس هذا الاجتماع الموسع!!!
هذا شرف لنا وللاستفتاء... واذكر أن الوزير حضر ومعه مختار التيتش وكيل الوزارة وحسين حجازي... ووجد الوزير أن كرسيه "فوتيل قماش كبير" وسط كراسي فردية خشب... فهمس الوزير في اذن صبحي نصير لتغيير الكرسي!!! فقد كان موجودا بجانبه صلاح سالم ومحمود يونس أول رئيس مصري لهيئة قناة السويس.
* * *
المفاجأة الثانية وصول سيارة التليفزيون تحمل مخرجا ومذيعة ومصورين... الحفل مذاع علي الهواء!!!
* * *
المفاجأة الثالثة ما حمله كبير السفرجية الذين حضروا مع كل أنواع الحلوي وغير الحلوي من انتاج جروبي ومعه ورقة من المحل بانه تقرر أن يكون كل هذا "هدية" من المحل!!! بضاعة علي أعلي مستوي تكفي اكثر من 400 مدعو ويومية اكثر من سفرجي... الجو الكروي كان مهيمنا علي البلد كله... وكان هذا واضحا اكثر في شارعي نجيب الريحاني وزكريا أحمد.. جماهير الكرة تملأ الشارعين تماما لذا كان ما أن تظهر النتيجة كان الأخ نجيب المستكاوي رئيس لجنة الفرز يمسك الميكرفون ويعلنها للجماهير مرتين... مرة من بلكونة الريحاني والأخري من بلكونة شارع زكريا أحمد... كانت أحلي أيام حياتنا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف