استطاعت الحكومة خلال هذا العام اصدار قرارات تأخر صدورها سنوات طويلة.. وكانت لحكومة شريف إسماعيل القوة والجرأة لأن تخرج علي الشعب وتعلنها بكل حسم.. رغم أن الجماعة الإرهابية كانت قد هددت بتنظيم مظاهرات شعبية حاشدة في 11/11 الماضي إلا أن الحكومة أصرت علي إصدار هذه القرارات الصعبة قبل "11/11" بعدة أيام لتؤكد أنها حكومة قوية وواثقة من نفسها وأرادت أن تبعث برسالة إلي أعداء الوطن بأن الشعب قد استرد وعيه وأصبح يدرك جيدا أنه قد آن أوان الاصلاح الحقيقي.. حتي لو أدي ذلك إلي المزيد من المعاناة لمحدودي ومعدومي الدخل.
ونحن علي أبواب عام جديد 2017 تواجه الحكومة تحديا صعبا آخر لم تستطع حكومة سابقة أن تقترب منه علي مدي الـ 60 عاما الماضية وهو ملف الدعم وتوصيله لمستحقيه.
نعرف جميعا أن هذا الدعم يلتهم جزءا كبيرا من ميزانية الدولة وأن أكثر من نصفه لا يصل لمستحقيه الحقيقيين.
وقد وصل حجم الدعم الموجه للخبز والسلع التموينية فقط حوالي 50 مليار جنيه سنويا.. واثبتت الدراسات التي أجرتها وزارة التموين ان 60% منه يصل لغير مستحقيه.. وأن المستفيد الأكبر منه هم أصحاب المخابز والبقالين وأصحاب شركات البطاقات الذكية الذين أصبحوا يحصلون علي حوالي 30 مليار جنيه سنويا من هذا الدعم بينما تذهب الـ 20 ملياراً الأخري إلي الغلابة.
آن الأوان أن تحسم الحكومة هذا الملف وأن تتخذ قرارا صعبا وجريئا آخر وتقرر إلغاء بطاقة التموين وتطبيق الدعم النقدي وتوصيله للغلابة فقط.
بالطبع سيعترض الكثيرون ويقولون: العيش خط أحمر وهي العبارة التي ظللنا نرددها سنوات طويلة حتي أصبحت الدولة الوحيدة في العالم التي تبيع رغيف الخبز ببطاقة التموين.
نعم سيكون لهذا القرار تداعيات منها ارتفاع سعر رغيف الخبز من 5 قروش ليتراوح ما بين 30 أو 50 قرشا وهو ما يمثل عبئا جديدا علي محدودي ومعدومي الدخل.. وهنا يأتي دور الحكومة في قصر الدعم النقدي علي هؤلاء الغلابة حتي يتمكنوا من توفير احتياجاتهم.
وعلي الجانب الآخر سيؤدي القرار إلي ترشيد استهلاك الخبز وانتاج خبز جيد بدلا من الانتاج الحالي الذي يلقي بالكثير منه في القمامة ويستخدمه البعض علفا للحيوانات.
وفي نفس الوقت يجب الاسراع بتطبيق مشروع الكروت الذكية في توزيع البنزين بعد أن تأخر تنفيذه أكثر من 7 سنوات.
وفي رأيي أن نجاح الحكومة في تطبيق الدعم النقدي وتطبيق الضريبة التصاعدية علي الاغنياء سيعد عبورا جديدا لا يقل عن العبور العظيم الذي تحقق في أكتوبر 1973 وسيساهم في توفير العديد من مليارات الجنيهات التي نحتاج إليها في إقامة مدارس ومستشفيات وطرق ومرافق ومدن جديدة في كل أنحاء مصر.
آمل أن يشهد العام الجديد تحقيق هذا الحلم بعد استبعاد كل الاغنياء والقادرين من قوائم الدعم.. ونحن في الانتظار!