المصرى اليوم
عباس الطرابيلى
لا يعملون.. لماذا يقبضون؟
بداية، أقسم بالله ثلاثاً، إننى أرفض قطع رزق أحد من كل هؤلاء، من مفتشى التموين - فى كل محافظات مصر - وكل العاملين فى هذا القطاع الذى كان حيوياً ومؤثراً للغاية.. بل كان يرعب التجار، كل التجار.. وبالذات الجشعين منهم، أى اللصوص ومن يعمل منهم بالذات فى المواد الغذائية.. تماماً كما أقسم أننى لست ضد قوات شرطة التموين، إن كانت ما زالت موجودة، أو لا يعرف أحد مصيرهم.. ذلك أن كل هؤلاء.. وكل هؤلاء.. لا يعملون.. ولا يؤدون واجبهم الوظيفى كما يجب.. ولم يعودوا يغادرون مكاتبهم.. ويفضلون عدم النزول إلى الأسواق.. ربما لأن «حصتهم» تأتيهم أو تذهب إلى بيوتهم صباح كل يوم دون أن يطلبوها.

نعم، أنا لست ضد أى واحد من هؤلاء.. أو من هؤلاء، إذ ربما كانت هذه هى سياسة الحكومة ، التى لا تريد إغضاب التجار، حتى لو كانوا جشعين هنا - لو تأكدنا من أنها سياسة دولة. لماذا نبقى على كل العاملين فى كل جهاز.. رغم أن جهاز مفتشى التموين هو الأكثر عدداً فى وزارة التموين والتجارة الداخلية؟.. كما أننا نحتاج إلى العاملين فى جهاز شرطة التموين، لتدعيم أجهزة الأمن الداخلى.. وينضمون إلى قوات مكافحة الإرهاب.. أما أن يجلس كل هؤلاء.. وكل هؤلاء ويعبئون الشمس فى زجاجات فهذا هو المرفوض.

وفى زمن الحكومات القوية التى «كانت» ترعى جموع المستهلكين وهم الأكثرية كان مفتش التموين هو الأقوى بين كل السلطات المحلية.. ولم يكن ينافسه إلا موظف المرافق أى شرطة المرافق الذى كان يراقب التزام الكل بالقوانين والقرارات والإجراءات التى «كانت» تحفظ النظام فى الشوارع وتزيل أى اعتداء، أى إشغالات الطرق وتعدى الباعة على حرمة الشوارع.. والأرصفة.. ولكن بعد أن أصبح الاعتداء على الشوارع والأرصفة هو الشغل الشاغل لكل المعتدين.. وصل الأمر إلى حد اختفاء مفتشى التموين، وأيضاً شرطة التموين.

ونتج عن كل ذلك توحش الجشعين من التجار وهنا نعيد إلى الأذهان مقولة: يا فرعون مين فرعنك.. رد لأننى لم أجد من يردعنى!! أى أن غياب هؤلاء.. وهؤلاء أعطى الجشعين الفرصة لكى يزدادوا ربحاً ويجنوا الثروات الحرام.

وكل المصريين يتساءلون ويتعجبون: طيب لماذا يرفع التاجر أسعاره على السلع الموجودة عنده، أى اشتراها قبل الزيادة.. ولكنه يحرك الأسعار ليس كل يوم.. بل ربما كل ساعة!؟ ولا أحد يحاسبه أو يعاقبه وهنا تكون الجريمة مضاعفة.

وأتذكر كنت مرة فى مدينة بيرث بقرب أستراليا أشترى بعض القمصان ووجدت قميصاً سعره 30 دولاراً أسترالياً.. ثم فى نفس الريون وجدت نفس القميص بسعر 25 دولاراً.. وأخذت أقلب وأبحث عن أى فروق.. ولما لم أجد أى فرق سألت البائعة: لماذا الفرق بين السعرين؟ فقالت ببساطة لأن القميص الأغلى استلمناه بالسعر العالى.. بينما القميص الآخر كان من طلبية سابقة.. بسعر أقل.. فهل لا حظتم هذا الاحترام للمشترى.. أما نحن فلا.. إذ نفس السلعة ونفس الطلبية تقفز أسعارها بناء على رغبة البائع!! وهذا سر الغلاء المبالغ فيه، عندنا فى مصر وبالطبع يضيع حق المستهلك، بل أيضاً حق الدولة فى الضرائب!!

■ ■ هنا نصر على سؤالنا للحكومة المكلفة من رئيس الجمهورية - بمواجهة هذا الغلاء المبالغ فيه. لماذا لا تتحرك أو يتحرك وزير التموين والتجارة الداخلية لتلزم الجشعين باحترام المستهلك.. أم يا ترى يجب أن تغير اسمها إلى وزارة التجار الجشعين.. مادام هذه هو دورها.. أى دورها الأكبر هو حماية مصالح الجشعين؟.

■ ■ وسؤالنا الثانى: مادامت الحكومة - ممثلة فى وزارة التموين - لن تتحرك لتراقب الأسواق والأسعار ولن تتدخل فى تحديد نسبة ربح كل سلعة - وهذا واجبها الأول - فلماذا تترك كل هؤلاء الألوف من العاملين فى قطاع مفتشى التموين.. بلا أى عمل.. اللهم إلا استلام رواتبهم.. وربما أيضاً حوافزهم والأجور الإضافية وتقوم بإعادة تدريبهم على أعمال أخرى.. حتى تصبح رواتبهم حلالاً، إذ يجب ألا يحصل الواحد على الراتب دون عمل.. ودون عرق.

■ ■ اللهم إلا إذا كانت الحكومة تشجع الجشعين لكى يزدادوا جشعاً.. على حساب كل المساكين.. أقصد المستهلكين.

والنبى ده حرام!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف