محمود سلطان
المسكوت عنه في انفجار الكاتدرائية!
بعد أقل من ثلاثة أيام، من استشهاد ستة رجال شرطة، بينهم ضابطان، في هجوم إرهابي بـ"الهرم".. تعرضت الكاتدرائية الرئيسية بالعباسية، لهجوم إرهابي آخر وغير مسبوق والأكبر في تاريخ الاعتداء على الكنائس، راح ضحيته حتى كتابة هذه السطور 25 مواطنًا على الأقل. بُعيد حادث الهرم، قامت الدنيا ولم تقعد: الفضائيات استضافت "الخبراء الأمنيين" المزعومين، وصالوا وجالوا، واجتروا ذات التحليلات البدائية السذاجة.. وأمضت الفضائيات ليلتها في بكائيات وسرادقات عزاء.. وتسابقت في المتاجرة بآلام أمهات وآباء الشهداء.. ولم تنقطع الأغاني والأناشيد الوطنية، وعرض صور جنودنا وضباطنا الذين قضوا في الحادث.. وأجواء حرب وطوارئ.. يعني من المفترض أننا في حالة تأهب.. ومن الصعب نؤخذ على غفلة.. ونتوقع أي عمل عدواني إرهابي في أي وقت.. ومع ذلك وقع انفجار العباسية، في أكثر مؤسسات الدولة الدينية حساسية!! الانفجار تعرضت له مؤسسة، من المفترض أنها تحت الرقابة الأمنية الصارمة على مدار الساعة، وربما توجد كاميرات ترصد لحظة بلحظة حركة المنطقة المحيطة بها.. ومع ذلك وقعت الكارثة والمصيبة الوطنية وفي يوم ـ للأسف ـ يحتفل فيه المسلمون بيوم مولد نبيهم "صلى الله عليه وسلم".. ولا يمكن بحال أن نتجاهل دلالة ومغزى هذا التزامن الذي قصده المجرمون الإرهابيون. لا يمكن القطع بأن ما حدث نتيجة تراخٍ أمني.. فما حدث في الهرم كان هجومًا على كمين للشرطة.. فيما تتواجد الشرطة بكثافة طوال اليوم أمام كاتدرائية العباسية.. يعني التواجد الأمني حاضرًا وبقوة.. فما الذي يغري الإرهابيين على استسهال اصطياد الأماكن المحصنة أمنيًا؟! فهل التواجد الأمني يكفي وحده للردع؟! .. لقد أثبتت تجربة السنوات الثلاث الماضية، بأنه لا يكفي.. ويبدو أن ثمة مشكلة تتعلق بالانضباط والرقابة وتفقد الخدمات. لقد شاهدت بنفسي ضباطًا في الكمائن ـ خاصة الحراسات ـ وهم مشغولون بتفقد هواتفهم المحمولة وصفحاتهم على "فيس بوك".. ويتركون مهمة تأمين المكان للمجندين الغلابة. ما يطرح سؤالًا بشأن الانضباط والرقابة.. إذ قلما تجد قيادة أمنية، تتفقد الكمائن ونقاط الخدمات وتتأكد من انضباط الجميع.. وتوفر شروط التأمين بلا تقصير أو إهمال. حتى الآن، لا نعرف حقيقة ما حدث في الكاتدرائية، وما إذا كان التقصير من الشرطة خارج الكنيسة أم من نظام تأمينها الداخلي، بمعرفة الكنيسة ذاتها "التفتيش الذاتي للداخلين إليها"، وهو تقليد شائع منذ البابا الراحل شنودة.. غير أن تكرار حوادث الاعتداءات الإرهابية وتنوعها، والذي بلغت ذروة خطورتها في حادث أمس (11/12/2016).. يدعو بإلحاح إلى ضرورة مراجعة القادة السياسيين للملف الأمني.. ولا يترك لمؤسسة معينة لتنفرد به وحدها.. ونحملها أكثر من طاقتها وقدراتها.