لا أعلم لماذا اتذكر رواية الأديب المبدع صبري موسي مع كل قضية فساد يكشف النقاب عليها ربما لأن اسم الرواية "فساد الأمكنة" وهي تدور أحداثها في جبال الدرهيب في مثلث حلايب المصري في أقصي بقعة علي تراب الوطن المكان بالقرب من مقام سيدنا أبوالحسن الشاذلي مؤسس الطريقة الشاذلية وكيف نجح الوالي معدوم الضمير السيد محمد يوسف كبر في افساد المكان والانسان فوق هذه البقعة الطاهرة.. كلما يتم الإعلان عن قضية فساد في مصرنا المحروسة اتذكر الرواية التي تعد واحدة من أفضل مائة رواية في عالمنا العربي.
الفساد يبدر بذرته الحاكم أو الوالي ليترعرع في كافة الأمكنة وينتشر كالحريق في الهشيم كما يقولون وقد كان لدينا والي استمر ثلاثين عاماً زرع الفساد في كل مكان وكانت له حاشيته وزبابنيه وخدامه الذين نقلوا شتلات الفساد من مكان إلي آخر وقاموا برعايته وحمايته حتي تحول إلي فساد مؤسس جامع ليصرخ الرئيس طالباً منا نحن الشعب ان نحارب الفساد.
قضايا الفساد كثيرة ومتنوعة ولا يكشف منها الا قليل وآخر ما أعلن عن هذه القضايا قضية الاتجار في الأعضاء البشرية أطباء واساتذة جامعات وأصحاب معامل تحاليل وأصحاب مستشفيات أصحاب ملايين ويتاجرون في الأعضاء البشرية مما جعل مصر الدولة رقم ثلاثة علي مستوي العالم في هذه التجارة اللاإنسانية ليتم القبض عليهم عن طريق الرقابة الإدارية ولا أعلم لماذا لم تقبض عليهم الشرطة المصرية بأجهزتها والتي تعلم كافة التفاصيل عن هذه التجارة ابتداء من أماكن واسماء المقاهي التي يتجمع فيها السماسرة إلي اسماء الأطباء والمستشفيات ليمتد الفساد من فساد الأمكنة إلي فساد الأفئدة.
ونأتي لفساد الأطعمة واكتشاف عشرين طناً من الجوافة الفاسدة التي يجري فيها الدود في مصنع كبير للعصائر وما يقرب من ستين طناً من الطماطم غير الصالحة في مصنع آخر يحمل علامة تجارية دولية والحقيقة إذا كانت تجارة الأعضاء في مصر ليست وليدة اليوم فإن تجارة الأغذية الفاسدة ايضاً يروج لها ومنذ سنوات في مصر المحروسة وإذا كان البعض يهدد بأن هذه الحملات تدمر الاستثمار في مصر فإن الرد عليه فليذهب هذا الاستثمار الذي يدمر صحة المصريين إلي الجحيم وليذهبوا بفسادهم هذا إلي أي دولة أخري ترحب بالفسدة والمفسدين لقد عاني هذا الشعب طويلاً من التهام نفايات العالم وارتفعت حالات الإصابة بالفشل الكلوي وأمراض الكبد بسبب غض البصر عن هذه المخالفات طوال السنوات الماضية ورغم ان هناك تلميحات بأن هناك اتاوات كانت تدفع في ظل نظام مبارك وان هذه الاتاوات قد توقفت منذ الثورة فيجب كشف هذه الأمور جميعها حيث أصبح الآن رأي عام يجب الاهتمام به وإعلامه بكافة الحقائق.. برواية صبري موسي "فساد الأمكنة" لا تقارن حالياً بفساد الأفئدة والذمم وحماية صحة المواطنين لها الأولوية ويجب سرعة تفعيل هيئة سلامة الأغذية التي طالب بها الرئيس والا تطوي في خزائن النسيان كما حدث مع قضية هامش الربح التي تحدث عنها رئيس الوزراء ودخلت في سراديب "الطناش" الأمكنة.. كافة الأمكنة تحتاج تطهير والنفوس والأفئدة في أشد الحاجة إلي غسلها بمطهرات القانون.