المساء
مؤمن الهباء
نصيحة الإمام الأكبر
وجه الإمام الأكبر شيخ الأزهر في كلمته بمناسبة المولد النبوي الشريف نصيحة لعامة المسلمين وخاصتهم.. قال فيها: "إن هذا النبي الذي وهب حياته الشريفة لنصرة الحق وصبر علي الإيذاء يومًا بعد يوم سنين عددًا لم يعد للأسف البالغ هو مصدر التلقي والتوجيه لحياة المسلمين اليوم وقضاياهم ومعاركهم الكبري مع الفقر والجهل والمرض والتخلف العلمي والثقافي.. وقد جنت هذه الأمة من التنكر لهدي نبيها ثمرات مرة وهوانًا يصعب احتماله والصبر عليه" صدقت ـ والله ـ يافضيلة الإمام.. فما تعيشه أمة الإسلام من ضنك وفرقة وتمزق وحروب داخلية وصراعات ودسائس وفقر وجهل ليس له من سبب غير بعدها عن منهج نبيها صلي الله عليه وسلم.. ذلك المنهج الرباني الذي أحيا به شعوبًا وقبائل كانت في عداد الموتي.. وصنع به دولة قوية قامت علي التوحيد فسادت الدنيا كلها شرقًا وغربًا.
هذا النبي العظيم لم يعد للأسف البالغ هو مصدر التلقي والتوجيه لحياة المسلمين اليوم.. لذلك تدهورت أحوالهم.. وتفرقت كلمتهم.. وصاروا شيعًا وأحزابًا متصارعة.. كل حزب بما لديهم فرحون.. كل حزب اخترع لنفسه زعيمًا وقائدًا ملهمًا.. فتعددت الزعامات.. وتعددت مصادر التلقي والتوجيه.. ثم ازدادت الأمور سوءًا حينما اتجهت أنظار بعض المسلمين إلي زعامات من الشرق والغرب.. جعلوا منها النموذج الأمثل والقدوة.. ومن منهجها وفكرها دستور الحياة.
لم تعد رايات أمة الإسلام واحدة.. تعددت الرايات والجماعات والزعامات والمناهج.. وتنكر قطاع عريض من هذه الأمة لهدي محمد صلي الله عليه وسلم.. وتمسك قطاع آخر بهدي محمد شكليا فقط بينما طغي هوي النفوس علي جوهر حياته.. ومن ثم جنت هذه الأمة من التنكر لهدي نبيها ثمرات مرة وهوانا يصعب احتماله والصبر عليه.. علي حد تعبير الإمام الأكبر.
ومن أهم الثمرات المرة التي جنيناها اليوم أن تداعت علينا الأمم كما يتداعي الأكلة إلي قصعتهم.. مع أن عددنا ليس قليلاً.. بل نحن كثرة.. ولكن كغثاء السيل.. ليس لنا فائدة.. ولا نصلح لشيء.. كما نبأنا رسول الله صلي الله عليه وسلم.. والسبب أننا تركنا منهجه وسنته فتفرقت بنا السبل.. وطمع فينا الأعداء.. واستسلمنا للضعف والهوان والجهل والمرض.
عذرًا.. يا سيدي يا رسول الله..
هذه الأمة تدفع ثمن بعدها عنك.. هذه الأمة المنكوبة تتنكب الطريق.. تتخبط في مساراتها.. وستظل كذلك حينًا من الدهر حتي تعود إلي الحق والحقيقة.. وتعلم علم اليقين أن خلاصها مما هي فيه لن يكون إلا بالعودة إلي المحجة البيضاء التي تركتها عليها.. لا يزيغ عنها إلا هالك.
عذرًا.. يا سيدي يا رسول الله..
يا أشجع الشجعان.. وقائد الفرسان.. وناصر الحق المبين.. يا صاحب الرأي السديد.. والصراط المستقيم.. يا رحمة الله للعالمين.. يا أبا اليتامي والمساكين وابن السبيل والضعفاء والمرضي وذوي الحاجة والسائلين والمحرومين والمنبوذين.
عذرًا.. يا سيدي يا رسول الله..
يا صاحب الخلق العظيم.. يا من رفعت لواء الصفح والغفران والعفو والتسامح بين الناس.. وكنت ومازلت القدوة الحسنة.
عذرًا.. إن جهلنا قدرك.. وضللنا طريقنا إلي نهجك القويم.. والتمسنا الهدي في غير سبيلك.. فقد حل بنا من الضنك والبلاء ما لا طاقة لنا به.. فكن شفيعنا عند ربنا أن يجمعنا علي هداك.. ويعيننا علي العودة إلي سواء الصراط.. حتي ننجو وينجو الناس جميعًا.
اللهم اكتب لنا ميلادًا جديدًا سعيدًا في يوم ميلاد حبيبك المصطفي.. ميلادًا يجمع شتات أمتنا.. ويعصم دماءنا.. ويرفع لواءنا في العالمين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف