جريدة روزاليوسف
محمد بغدادى
قبل إقرار قانون الجمعـيات الأهلية!

صرح حافظ أبوسعدة عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان.. بأنهم تفاجأوا بأن البرلمان أصدر قانونا جديدا لا أحد يعرف عنه شيئًا.. موضحا أن القانون مخالف للمعايير الدولية.. لأنه لا يوجد شىء اسمه «عقوبات سالبة للحرية» فى العمل الأهلى أو الاجتماعى.. وأنه سيحول منظمات المجتمع المدنى إلى وحدات محلية.. ويعطى انطباعا سيئا للمجتمع الدولى.. خاصة أن القائمين على هذه الجمعيات وفقا لمواد القانون الجديد سيتعرضون للسجن والغرامات.. عن حالات كان القانون الحالى يسمح بها ببساطة.. منها حظر قبول الجمعيات الأهلية أموالاً نقدية تزيد قيمتها على عشرة آلاف جنيه إلا بموجب شيك بنكى.. والحصول على موافقة الجهة الإدارية قبل ثلاثين يوم عمل.. ورتب القانون عقوبات على مخالفة الشروط الجديدة بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة تبدأ من 50 ألف جنيه وحتى مليون جنيه.. وهذه المحاذير المتعددة قد تدفع بالمتطوعين إلى إغلاق هذه الجمعيات التى تقوم بتدريب المرأة المعيلة فى القرى.. وتقوم بتدريبها على مهن بسيطة وتوفر لها أداة الإنتاج.. لتضمن لها الحدود الدنيا من الحياة الكريمة.. فى مناطق سقطت سهوا من حسابات الدولة وحكوماتها التعاقبة.. ولم تمتد لها المحليات بأى مساعدات لإعانتها على مواجهة متطلبات الحياة على مدى أكثر من أربعة عقود مضت.
وحقيقة الأمر أن من كتبوا القانون لا يريدون منه سوى إغلاق نحو 20 منظمة حقوقية تحاربها الدولة منذ 15 سنة.. وتدور حولها الشبهات فى أنها ضالع فى ثورات الربيع العربى.. إلا أن فضح أهداف القانون وتفصيله لينطبق على أشخاص بعينهم.. جعل واضعيه لا يلتفتون إلى آثاره السلبية المدمرة فى حالة انسحاب المتطوعين الذين كانوا يعوضون انسحاب الدولة من الخدمات وضعف برامج الحماية الاجتماعية فى مصر.. فوفقا لآخر إحصاء أصدرته وزارة التضامن الاجتماعى.. أن مصر بها 48500 جمعية أهلية ومنظمة عمل مدنى.. وهذه الجمعيات تقوم بخدمات اجتماعية وإنسانية وتنموية لا حصر لها.. خاصة فى المناطق البعيدة عن المركز.. فالآلاف من هذه الجمعيات المنتشرة فى قرى الصعيد والدلتا والأطراف النائية تقدم خدمات للبسطاء لن يعوضهم عنها أحد من كل أجهزة الدولة المكبلة بالديون والعمالة الزائدة والمشاكل التى لا حصر لها.
ولكن رغم وجود مواد كثيرة ستعيق حركة هذه الجمعيات.. إلا أن أخطر مواد هذا القانون على الإطلاق هى المادة 70 التى تنص على تشكيل «جهاز قومى لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية «الذى يعين رئيس الجمهورية الأمين العام له موظف بدرجة وزير.. ويضم فى عضويته ممثلين عن وزارات» الخارجية- الدفاع- العدل - الداخلية- التعاون الدولى- التضامن الاجتماعى» إضافة إلى ممثلين عن «المخابرات العامة - البنك المركزى - هيئة الرقابة الإدارية» وحدد القانون لهذا الجهاز 43 اختصاصاً للبت فى كل ما يتعلق بعمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية فى مصر وجميع صور تعاونها مع المؤسسات والجهات الحكومية وغير الحكومية.. وحدد عبدالهادى القصبى رئيس لجنة التضامن بالبرلمان وعضو المكتب السياسى لائتلاف دعم مصر.. الذى قدم المقترح الأصلى للقانون.. وحدد فلسفته فى «حماية الأمن القومى المصرى من التمويل الأجنبى المشبوه للمنظمات الحقوقية.
إلا أن لجنة القصبى بمجلس النواب تجاهلت طرح القانون للنقاش المجتمعى واستطلاع رأى القائمين على العمل الأهلى والتطوعى.. ومن بين 48500 جمعية مقيدة فى سجلات وزارة التضامن لم يستمع البرلمان سوى لأصوات 8 جمعيات أهلية فقط.. «بنك الطعام المصرى، مؤسسة معاً لتطوير العشوائيات، الأورمان، مؤسسة مستشفى 57357، جمعية رسالة، مؤسسة مصر الخير، مؤسسة أهل مصر، مستشفى بهية».. لذلك فإن غالبية هذه الجمعيات اعترضت على القانون الجديد بما فيها تلك التى على علاقة جيدة مع الدولة.. كمؤسسة (معاً) التى أسسها الفنان محمد صبحى بعد ثورة يناير.. وتشارك الدولة فى ملف تطوير العشوائيات.. الذى أعلن أنه بصدد اتخاذ اجراءات حله للجمعية اعتراضاً على مواد القانون لو تم التصديق عليه.
ولأن قانون الجمعيات الأهلية الذى أقره البرلمان مازال فى طور المشروع وينتظر توقيع رئيس الجمهورية عليه ليدخل حيز التنفيذ.. وللرئيس وفقاً للمادة 123 من الدستور أن يعترض على إصداره ويعيده إلى مجلس النواب من جديد.. ويتمنى العديد من المهمومين بالفقراء أن يعترض.. وإعادة العمل بالقانون القديم الذى صدر عام 2002 .. مع وضع الضوابط اللازمة لحماية الأمن القومى.. ولدينا ترسانة من القوانين التى تكفل هذه الحماية بكل جوانبها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف