المصريون
محمود سلطان
الأمن القومي.. أهم من عروش وكروش الكبار
بعد تواتر أنباء عن إقالة وزير الداخلية، على خلفية جريمة الكاتدرائية يوم أمس الأول 11/12/2016.. نفى المتحدث باسم رئيس الوزراء هذه الأنباء، في مداخلة منتصف ليل 11/12، لفضائية mbc مصر.. وقال: الوزير يمارس عمله في مكتبه بشكل عاد. والحال أن الجريمة وبشاعتها وعدد الضحايا الذي قضوا في الحادث، وحساسية المكان الذي استهدف.. لا يدعو فقط لإقالة وزير، وإنما إقالة الحكومة بالكامل، وفتح باب المساءلة القانونية والإدارية بشكل جاد وعاجل.. وبشفافية.. فإقالة الحكومة وحدها لا تكفي. المدهش.. أن الخطاب الرسمي وحاضنته الإعلامية، اجتر ذات أساليب المراوغة المتبعة منذ عقود، للشوشرة والطرمخة على الإجراءات التي يجب على السلطة اتخاذها ليس فقط احترامًا للدم والآلام والمآسي التي خلفها الحادث.. وإنما أيضًا كدلالة على أن الأمن القومي.. أهم بكثير من عروش وكروش الباشاوات والمسئولين الكبار الكسالى والفشلة.. أهم بكثير من تدليعهم وتدليلهم.. والطبطة عليهم، لحسابات ومصالح "جماعات المصالح".. وليس لصالح وطن ينزف دمًا ويُنهش لحمه. على فضائيةcbc طالبت لميس الحديدي، وكيل البرلمان بـ"المحاسبة".. وأن يمارس البرلمان دوره في رقابة الأداء الأمني ومحاسبة المسئولين.. فكان رد الوكيل مراوغًا بشكل يثير الاستفزاز والشفقة، وقال: لا نريد شعارات كلنا في مركب واحد.. وكلام في "الهجايص".. وعندما "اتحمق" قال: إننا نحضر لسن تشريعات جديدة لمكافحة الإرهاب.. فردت لميس: يا فندم عندنا قانون.. ولكن مفيش محاسبة! المهم أن سيادة وكيل البرلمان كان مرعوبًا وقلقًا لمجرد ذكر كلمة "محاسبة".. واستن بسنة الكسالى والفشلة أيضًا.. عندما اعتقد أن الانتحاري الذي يحيط خصره بحزام ناسف سيخيفه قانون سعادته!! هذه هي سياسة الطرمخة.. والتواطؤ مع المقصرين والفاشلين.. يتركون أصل المشكلة ويستسهلون سن تشريعات أخرى.. حتى باتت مصر بلد "المليون قانون".. وكله سمك لبن تمر هندي. من الصعب أن تتكلم عن دور رقابي لهذا البرلمان.. الأقل كرامة وهيبة واحترامًا من برلمان مبارك "المزور".. والذي كان يحافظ على الحد الأدنى من كرامته ومن هيبته.. كيف نأمل خيرًا في هذا البرلمان.. وكلنا شاهدنا تلك المفارقة العجيبة والتي لم تحدث في مصر منذ نشأة أول برلمان بها في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر.. لأول مرة بدلًا من أن يذهب وزير الداخلية إلى البرلمان.. فإن الوزير يستدعيهم إلى مكتبه.. ويساق أصحاب الحصانة زمرًا إلى مقر وزارة الداخلية ويجلسون مثل التلامذة بين يدي سيدهم! وإذا كان البرلمان هذا هو حاله الذي يرثى له.. ولا نأمل فيه خيرًا.. فإن بقاء الوضع على ما هو عليه.. سيعني بالتبعية أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، سيتحمل وحده مسئولية هذا الفشل الأمني المتكرر بشكل مذهل.. ولا يجوز ولا يقبل السكوت عليه.. ويصدمنا بمرارة، وفي كل مرة، الإصرار على التمسك بكل الذين رسبوا في اجتياز اختبار الكفاءة.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف