محمود سلطان
هل "أخطأ" الرئيس بالإعلان عن اسم الجاني؟!
في مفاجأة غير متوقعة، أعلن يوم أمس الأول 12/12/2016، الرئيس عبد الفتاح السيسى بنفسه، عن اسم منفذ جريمة الكاتدرائية! هذه سابقة شديدة الغرابة.. لأنه ليس ذلك من مهام الرئيس، وإنما من مهام سلطات التحقيق خاصة النيابة العامة.. والأكثر دهشة، أن الإعلان عن اسم الجاني، جاء في اليوم التالي مباشرة من وقوع الجريمة!!.. ولا ندرى كيف تم تحديده بهذه السرعة والتي لم تحدث ولا في أية دولة بالعالم؟! الصدمة كانت في السؤال بشأن "مخاطرة" الرئيس.. إذ كيف سيكون الحال، إذا أُثبت غير ذلك لاحقا؟! فيما بات الإعلان الرئاسي، عن اسم الجاني وتفاصيل ارتكابه الجريمة، محرجًا للنيابة العامة، إذ لم يعد بوسعها إلا "تثبيت" ما قاله الرئيس، حرصًا على "مقام" الرئاسة، وعدم إحراجها. أقول هذا الكلام، بعد تضارب الروايات والمعلومات بشأن محمود شفيق: فأسرته تقول إنه بالسودان وليس في مصر.. والرئيس قال إن عمره 22 عامًا، فيما تأكد أنه حين اعتقل عام 2014، كان عمره 16 عامًا.. يعنى عمره الآن ليس 22 ولكن 18 عامًا.. وفى حين تقول الداخلية إنه طالب بكلية علوم الفيوم، فإن أوراق النيابة العامة التي حققت معه منذ عامين تقول إنه طالب بأولى صنايع، وعاملته كـ"حدث" ـ أي صغير السن ـ وهو ما أكدته محاميته التي كانت تدافع عنه آنذاك.. ولذا فهي تشكك في الرواية الرسمية، وإنه ربما يكون هناك محمود شفيق آخر، غير محمود شفيق الأصلي!.. يعنى لخبطة في لخبطة.. فما الذي حمل الرئيس على الاستعجال وإعلان اسم الجاني قبل انقضاء 24 ساعة على جريمة العباسية؟! الفيديو الذي عرضه الصحفي أحمد موسي على صدى البلد، يقدم معلومات مغايرة للرواية الرئاسية.. لأنه بين أن شخصًا دخل ثم خرج واختفى وبعدها حدث الانفجار.. وصحفيون على صفحات التواصل الاجتماعي قدموا تحليلات لفحوى الفيديو.. ترجح وقوع الانفجار بعبوة أو قنبلة تم تفجيرها عن بعد.. وليس بعملية انتحارية كما قيل رسميًا. أعرف أن الرئيس تلقى هذه المعلومات من جهات أمنية، وهو يثق فيها.. وربما اعتمد روايتها بناء على ثقته الشخصية.. ولكنه لماذا لم ينتظر ريثما تنتهي التحقيقات وتظهر نتائج تحليل DNA، لماذا استعجل.. ويخاطر بهذا الموقف المدهش والصادم؟! لماذا يتحمل هو بنفسه مسئولية جهات أخرى، وظيفتها الإعلان عن الجناة وتقديمهم إلى المحاكمة؟! أنا لم أجد تفسيرًا أو مبررًا لما صدر من الرئيس: فهل أخطأ السيسى أم أنه على يقين بأن محمود شفيق هو الذى ارتكب الجريمة؟! ولكن.. طالما توجد أسئلة وحيرة بشأن ذلك.. فإن المسألة لا تتعلق بثقة الرئيس في المعلومات التي وردت إليه، وإنما تظل مشكلة رأى عام غاضب وحزين.. يريد أن يصدق.. وتعاطف بشكل غير مسبوق مع إخواننا الأقباط الذين ظلموا أكثر من مرة، دون أن يجدوا من ينصفهم ويرد إليهم مظالمهم.. بل كانت تختطف مآسيهم وتوظف سياسيًا ودعائيًا لحسابات ومصالح لا إنسانية ولا أخلاقية.