في مسألة توزيع المكافأت أو المنح أو أي من صور التكريم المختلفة والتي توزع في المحافل بغرض تشجيع الشباب للتنافس وإظهار الكفاءات والمهارات في مختلف المجالات يغلب في بلادنا أن تكون معايير أومسطرة التقييم مصابة بالحَوَل أو الخلل ، مثلاً في الإحتفالات أو المهرجانات أو المؤتمرات أو حتي الندوات تجد غالبية من يتم تكريمهم بشتي الصور يكونوا من ضيوف الشرف والمسئولين الكبارمن المؤسسات التي تقوم بهذا الأمر أو في نفس مجال التكريم، بعض هؤلاء المسئولين قد يكونوا غير راضين عن ذلك، لكن بعضهم تروق لهم الفكرة ويتماهون إيهاماً في تميزهم وعبقريتهم، بل قد يدفعون مرؤسيهم سواء بشكل مباشر أو غير مباشرعلي هذا الفعل، أما الذين يتم تكريمهم من غير المسئولين، فهم غالباً أصحاب الحظوة والمكانة عند الكبار وهؤلاء يحصلون-مجاناً-علي كريمة التورتة في البلد بلا مجهود أو كفاءة أو مجهود أو قدرة علي الإنجاز، والذي يدعو للعجب أن قلة فقط هم الذين يحصلون علي حقهم ويتم تكريمهم عن إستحقاق وجدارة. الإدعاء أصبح ظاهرة واضحة في مجتمعاتنا وكما لو أنه داء عضال ومتأصل فيها فيقول حافظ إبراهيم منذ ما يقرب من قرن من الزمان "تضيع الحقيقة ما بيننا.....ويصلي البريء مع المُذنب........ويُهضم فينا الإمام الحكيم.....ويُكرم فينا الجهول الغبي". لا أدري ما السرفي حرص البعض وبكل ما يملكون من حيل وإمكانات أن يظهروا في الكادر أو علي منصة التكريم أو تُكتب أسمائهم علي أبحاث أو مؤلفات دون وجه حق مهما كلفهم من إهدار لحقوق آخرين أو سلبها، علي سبيل المثال إذا نظرنا علي الأبحاث التي تُنشر في جامعاتنا نجد من يتصدر قائمة الأسماء هم الكبار والذين-علي الأغلب-لم يساهموا في البحث بأدني مشاركة، بينما من قام بالبحث وبذل فيه من المجهود الكثير والكثير هو الاقل شأناً من ناحية التقييم. هذه الظاهرة تتكرر في مجالات عديدة، ففي الصحافة مثلاً نسمع عن الكثير من شباب الصحفيين -الجنود المجهولة-في بعض الصحف والذين يقومون بمجهود كبير في إعداد التحقيقات أو حتي كتابة المقالات والتي تُنسب في النهاية لآخرين في الجريدة يملكون الرأي والسلطة فيها. شخصية شهيرة ومعروفة في مجال الآثار، تكلم عنه بعض المتخصصين ممن عملوا معه أنه عندما كان يشغل منصباً هاماً في الآثار كان فريق كامل من مرؤسيه الذين يعملون معه يساهمون في الكتابة له أو الإكتشافات الأثرية التي يجتهد في تحقيقها البعض ثم تنسب له في مؤلفاته الشهيرة والتي توزع عالمياً بأسعار كبيرة، وحيث أنه كان ضيفاً كثير الظهورفي البرامج والقنوات التلفزيونية وكذلك الصحف، لم يحدث وتحدث عن فريق الشباب الذين ساعدوه في إتمام أعماله أو يكتب ولو شكر لهم في مؤلفاته بما يعكس إحتكار البعض للكادر والصورة وتلك أحد أسباب تأخرنا عن الغرب الذين يقدم الكبار عندهم في كافة المجالات عن طيب خاطر وبكل فخر ورضا نفس الشباب الذين ساعدوهم أو ساهموا في أي إنجاز حققوه ويظهرونهم معهم في المشهد الإحتفالي أو الإعلامي بما يخفز علي التعاون والعمل بروح الفريق وليس الإحتكار أو الإنتهازية المُتجبرة والتي يتولد عنها الحقد والكراهية وشباب يتعود ويتماهي مع الذل والجبن والخنوع والخضوع والنفاق واليأس من مصداقية الكبار.