الأخبار
أحمد طه النقر
خطر الإرهاب قائم وقادم.. فماذا نحن فاعلون؟
الهزيمة الوشيكة لعصابات الإرهاب الداعشية المتأسلمة في معركتي الموصل بالعراق وحلب في سوريا، أصابتهم ورعاتهم ومموليهم بالجنون ودفعتهم إلي البحث عن ملاذات آمنة جديدة، فضلاً عن رفع معدلات الميول الانتحارية لديهم مما جعلهم يضربون بلا عقل في كل مكان..ومع بدء حصارهم وتضييق الخناق عليهم مؤخراً، عكف الممولون والرعاة علي البحث عن أماكن لإيواء واحتضان هؤلاء المرتزقة لإنقاذهم من الإبادة والحفاظ عليهم علي أمل استخدامهم في مهام قذرة جديدة.. وكانت ليبيا الممزقة والمفتوحة حدودها وموانيها ومطاراتها أمام كل مَن هب ودب، الساحة الأكثر ملاءمة لاستضافة نشاط عصابات الإرهاب العابرة للقارات والحدود.. ولم يعد خافياً علي أحد دور أنقرة المُمَوَّل خليجياً في نقل فلول الدواعش وقطعان المرتزقة، جواً وبحراً من العراق وسوريا إلي ليبيا عبر الأراضي التركية.. وهذا يعني تطوراً نوعياً خطيراً في مخطط التقسيم الذي يستهدف دول جوار ليبيا، وخاصة مصر التي قد يأتيها الخطر ذاته من الشرق عبر الكيان الصهيوني.
علينا إذاً توقع تصعيد متزايد في العمليات الإرهابية.. والأرجح أن تكون الموجة القادمة بالغة التعقيد والخِسة مما يتطلب فتح العيون والعقول جيداً حتي لا نفاجأ بوقوع هجمات نتيجة أخطاء ساذجة وعبثية مكررة ينبغي ألا يكون لها مكان في المنظومات الأمنية الحديثة.. وأنا أتحدث عن ضرورة التدريب العلمي المتقدم والمتواصل لقوات مكافحة الإرهاب من الجيش والشرطة.. فلم يعد مقبولاً علي سبيل المثال أن يدخل شخص غريب بحزام ناسف أو شحنة متفجرة إلي منطقة بالغة الحساسية مثل مجمع الكاتدرائية وبهذه السهولة المُريبة دون أن تستوقفه عناصر الأمن العام أو أمن الكنيسة ليرتكب مثل هذه الجريمة البشعة.. كذلك يجب أن تستوقفنا وتطرح علينا آلاف الأسئلة الطريقة العبثية التي قُتلَ بها أبناؤنا من ضباط وجنود الشرطة في كمين الهرم.. إذ تم زرع القنبلة في مكان الانتشار المعتاد للكمين ثم تم تفجيرها عن بُعد فور انتشار قوة الكمين.. ولو كان هناك بعض الحذر واليقظة وقليل من التدريب الجيد لتم تفتيش المكان قبل الانتشار وربما كنا تفادينا هذه الجريمة المُروعة وأنقذنا شبابنا من موت مجاني.. ناهيك عن أن كل خبراء الأمن أكدوا ويكررون كل يوم أن الكمائن الثابتة إجراء لم يعد له وجود في كل بلدان العالم لأنه يجعل أفرادها صيداً سهلاً لكل مَن يريدهم بشر.. ولعلنا نتذكر أن تقصيراً وإهمالاً جسيمين مثل الذي حدث في كمين الهرم تسببا قبل ذلك في سقوط ضحايا من قوات الأمن في حادثين دمويين استهدف أحدهما كميناً أمام جامعة القاهرة بينما استهدف الآخر كمينا بجوار شجرة في منطقة بولاق قرب وزارة الخارجية.
باختصار.. إذا كنا دولة مستهدفة فعلينا توقع الأسوأ دائماً والتحوط له فإن حدث، لا قدر الله، كنا له مستعدين وإن لم يحدث فبها ونعمت.. ولكن ينبغي القول مجدداً إن مكافحة الإرهاب لا تكون بالحلول الأمنية فقط.
المواجهة الشاملة والناجعة للإرهاب يجب أن تكون مجتمعية.. أي بمشاركة كل مؤسسات وقوي المجتمع وفي المقدمة منها التعليم والثقافة.. وسبق أن حذرنا مع العديد من الكُتاب والمثقفين من تدهور المنظومة التعليمية وتخلف المناهج وسيطرة عناصر سلفية وهابية علي جميع مفاصل وزارة التعليم.. وهو ما حوّْل مدارسنا من منارات مفترضة لتخريج مواطنين مؤهلين للبناء والتنوير إلي حضانات لتفريخ متطرفين لا يعرفون سوي الكراهية وقتل النفس أو الآخر!!.. أما عن غياب أو تغييب الثقافة فحدث ولا حرج.. فعندما يتدهور الكتاب والمسرح والسينما والموسيقي والفنون التشكيلية، تفقد مصر »قوتها الناعمة»‬ وسلاحها البتار ضد جحافل الجهل والتكفير ولا تكون مصر التي نعرفها ويعرفها العالم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف