جلاء جاب اللة
من الجاني في تفجير الكنيسة؟ من هو الجاني الحقيقي في حادث تفجير الكنيسة؟
هل هو المدعو محمود شفيق محمد مصطفي "22 عاما" من الفيوم أم أنه الخلية الصغيرة التي ضمت مهاب مصطفي قاسم ورامي محمد عبدالحميد ومحمد حمدي عبدالحميد ومحسن مصطفي قاسم وعلا حسين محمد علي.. هل هؤلاء هم الجناة حقا؟
إنهم نفذوا الجريمة طبقا لكل الإجراءات والتحريات والرؤية الأمنية التي تستحق الإشادة هذه المرة لأنها نجحت بالفعل في الوصول إلي الجناة في أقل من 24 ساعة ولكن يبقي السؤال هل هؤلاء هم الجناة؟ أم أنهم مجرد أدوات لتنفيذ الجريمة؟
ولماذا هذا الشاب بالذات هو الذي فجر نفسه وانتحر معتقدا أنه شهيد تزفه الملائكة في السماء؟.. لماذا لم يكن الطبيب مثلا أو.. أو..؟ لماذا هذا الشاب بالذات؟
وما هو دور هذه السيدة علا حسين زوجة أحد المتهمين في القضية.. بل ما هو دور المرأة عامة في هذه الجرائم؟
وما هي العلاقة بين ما حدث في الكنيسة.. وما سبقها في شارع الهرم وما يحدث في سيناء.. ومن قريب جدا ما حدث من بعض أهالي النوبة دم أو تفجير؟
تساؤل آخر يبدو وأنه لا علاقة له بالقضية لكنه في صميم القضية.. هل قتل إخواننا في الكنيسة أهم من توجيه طلقة رصاص واحدة تجاه هؤلاء الذين منعوا الأذان في المسجد الأقصي.. إذا كان من يفجر نفسه فعلا يعمل هذا العمل لوجه الله؟
تساؤل أخير.. هل هذه الضربات في العاصمة المصرية جاءت اعتباطا في هذا التوقيت خاصة بعد فشل الإرهاب وانحساره في سيناء؟ وهزيمة داعش وإخوانها في سوريا؟ وهزيمة أوباما في واشنطن.. وعودة الارتباط بين أنقرة والدوحة..؟ والخوف من كشف المؤامرة الإخوانية الأمريكية التي سيعلن عنها مع رحيل أوباما عن البيت الأبيض حتما لأنها تمس دافع الضرائب الأمريكي؟.. وهل هناك علاقة أيضا مع نجاح الشعب المصري في معركة التحدي الاقتصادية التي راهن أعداء مصر عليها وراهنوا علي أن الشعب سيضعف مع الغلاء والأزمات؟ ومع احتمال عودة السياحة إلي شرم الشيخ والغردقة في هذه الأيام؟
الإجابة علي كل هذه التساؤلات تدفعنا إلي تحديد هوية الجاني الحقيقي في حادث الكنيسة؟ لأن هذا الشاب المنتحر ليس إلا أداة تم استغلالها بالفعل في جريمة شنعاء اعتبرها هو جائزة من السماء!!
تحديد الجاني الحقيقي يدفعنا إلي تساؤلات أخري مثل: أين كان الأمن؟ وبرغم إشادتي بسرعة تحديد الجاني لكن الخطط الأمنية للوقاية والمواجهة قبل الحادث أصبحت في حاجة ماسة إلي التعديل والتطوير مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وأعرف أنها مهمة صعبة ولن توقف الجرائم بشكل كامل ولكن علي الأقل ستحد منها وتضعف آثارها الصعبة.
لقد اهتم الرأي العام.. الذي يقوده للأسف منصات التواصل الاجتماعي وتسير وسائل الإعلام خلفه بسرعة.. اهتم بمسألة شكلية وهي: هل حقا هذا المتهم هو الجاني وكيف نجح الأمن في الكشف عنه بهذه السرعة لدرجة أن أعداء الوطن كادوا أن يستغلوا هذه الكفاءة الأمنية للتشكيك في الجاني نفسه؟! لكنهم تجاهلوا وللأسف السؤال الأهم وهو: لماذا محمود شفيق محمد مصطفي بالذات هو الأداة؟
محمود شفيق حالة من آلاف أو عشرات الآلاف من الحالات المشابهة في مصر.. شاب يعيش في قرية فقيرة.. ليس بالضرورة أن يكون هو فقيرا.. لكن بالضرورة هو يعيش حالة طموح لتحسين ظروفه.. طالب متفوق نسبيا فهو الرابع علي محافظة الفيوم في الثانوية العامة التحق بكلية العلوم "انظر هنا كيف أن أوائل المحافظات لم يعد لهم مكان في كليات القمة الشهيرة كالطب والصيدلة" وفشل محمود في العلوم.. وهنا ينكسر الطموح الإنساني.. فإذا التقطه المجرمون تحت شعار الدين كان هدفا سهلا.. وهذا هو ما حدث!!!
الإخوان المسلمون التقطوه خاصة أنه من بيت ملتزم دينيا.. والالتزام الديني شيء رائع والالتزام الديني أساس في حياة كل مصري مادام التزاماً حقيقياً نابعاً من تعاليم الدين الصحيح لكن عندما التقطه الإخوان أصبح التزامه سيفا علي رقبته هو..!!
استغلوا طموحه المكسور وربطوه بطموح الجماعة الذي كسرته إرادة الشعب.. فأصبح انكساره الشخصي انكساراً للجماعة.. وهنا تكون اللعبة الشيطانية.. بأن الشهادة هي الملاذ وهي الملجأ وهي الانتصار وهزيمة الانكسار؟ وهذا ما تم فعلا مع هذا الشاب الذي كان يتحدث مع أمه ويقول لها إنه يتحدث معها من السودان باحثا عن عمل.. ولكنه كان يتدرب علي يد الشيطان الذي تملكه وزين له جريمته وكأنها لوجه الله ومن أجل الشهادة؟
محمود شفيق حالة تعيش بيننا ويمكن أن تتكرر إذا التقطته يد الشيطان في غيبة الرؤية الصحيحة للإسلام بداية من المنزل إلي المدرسة إلي الشارع إلي وسائل الإعلام.. التعاليم التي تبدأ من المعاملات قبل العبادات. التعاليم الإسلامية الصحيحة المبنية علي رؤي علمية صحيحة وليس دروشة أو تكراراً معاداً لما في كتب التراث؟
محمود شفيق حالة قد تتكرر أو قد تكون بيننا الآن مثلها بالآلاف وهنا لابد أن نسأل سؤالا محددا.. هل كان محمود شفيق معه سلاح عندما تم القبض عليه منذ عامين؟ إذا كان معه سلاح فعلا وتم القبض عليه فكيف تم الإفراج عنه وكيف هرب إذا كان قد هرب فعلا؟
إذا كان هناك قصور في الإجراءات القانونية للقبض علي شاب يحمل سلاحا ويوجهه ضد وطنه وأهله ثم يتم الإفراج عنه ليمارس جريمة أخري أخطر فلابد من علاج هذا القصور قانونيا وبسرعة..!!
حالة محمود شفيق ليست حالة خاصة وهي ما تجعلنا ننظر إلي جريمته نظرة أخري.. نظرة تطالب المجتمع برؤية شاملة تجاه شبابنا رؤية تحدد كيف يتم استقطاب شاب في مقتبل عمره نجح بتفوق في الثانوية العامة ومن المؤكد أن لديه طموحاً كبيراً ثم يتم استقطابه واستغلال انكساره الإنساني في الحياة وتجاه المجتمع فيكون سيفا ضد وطنه وقنبلة حقيقية تنفجر في وجه الوطن..!!
هذه الحالة ليست الشكل الوحيد لحالات الاستقطاب واستغلال الانكسار.. فكم من شاب حدث له ما حدث لمحمود شفيق ولم ينكسر.. بل كم شاباً انكسر لكنه رفض الاستقطاب؟
نعود إلي السؤال الرئيسي من هو الجاني؟ الجاني أيها السادة بيننا.. يعيش وسطنا لأنه يستغل المجتمع ويستغل الشباب نحن في حاجة إلي وجه جديد ورؤية جديدة ليست تجاه الشباب وحدهم.. بل تجاه المجتمع نحتاج إلي تجديد في الخطاب الحياتي والإنساني وليس تجديد الخطاب الديني وحده.. نحتاج إلي عمل.. إلي مصانع.. إلي إنتاج كبير يشارك شبابنا في صنعه.. وفي الاندماج مع المجتمع.
نحتاج إلي إعلام حقيقي لا يكون تابعا لمنصات التواصل الاجتماعي بل يكون قائدا له ويعالج قضايا المجتمع برؤية واقعية وصادقة من منطلقات حقيقية تجاه الواقع.
نحتاج إلي تطوير تعليمي ليس بعدد المدارس فقط.. بل بتطوير المناهج بحيث تكون إنسانيا وعمليا وتطبيقيا لصالح المجتمع ولا تنتج لنا أشباه محمود شفيق.
نحتاج إلي تطوير في التعليم لا يجعل المتفوق الحقيقي أداة للانكسار.. ويجعل طريقة الامتحانات العادية هي الوسيلة لدخول الجامعات والانخراط في الحياة.
العلاج الأمني الوقائي ضروري لكنه لا يكفي.
العلاج القانوني مهم لكنه لا يكفي.
نحن في حاجة إلي رؤية شاملة يتكامل فيها دور الإعلام مع دور المدرسة مع مراكز الشباب وقصور الثقافة مع المسجد والكنيسة.
رؤية حقيقية واقعية يشارك فيها أساتذة علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي وعلم النفس الجنائي مع أصحاب الفكر والرأي والإعلام والدين.
رؤية متكاملة تحدد لنا من هو الجاني الحقيقي في هذه الجرائم وكيف نقي المجتمع من خطره ونواجهه وننتصر عليه.. وسيكون الانتصار سهلا لأن الشياطين لا تستطيع أن تعيش بيننا في النور..!!
همس الروح
** الحب هو السلاح الأقوي لمواجهة الإرهاب.
** الحب قادر علي الانتصار إذا كان صادقاً.
** بالحب وحده نستطيع أن نبدأ من جديد وننطلق.. وتعالوا نجرب فلن نخسر شيئاً!!