خالد عبد العزيز
الأزمة الحقيقية للرياضة المصرية
لا شك أن مصر تعيش خلال هذه السنوات أزمة اقتصادية كبيرة ربما يكون أحد أسبابها الظروف السياسية المعقدة التي مرت بها البلاد مؤخرا وتؤثر هذه الأزمة في مختلف القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية والعمرانية وغيرها. وامتدت آثار هذه الأزمة إلي بعض الجوانب السلوكية والأخلاقية لبعض أبناء الشعب المصري ومنهم الشباب. وقطاع الرياضة يتأثر حاليا بشكل كبير وحاد بهذه الأزمة. ويتعين علينا في هذه الظروف أن ندرس ونعيش المشكلة بكل جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية وننتبه لها جيدا ونفكر مليا في سبل حلها ونستخدم وسائل حديثة مبتكرة لتنفيذ هذه الحلول.
أزمة الرياضة الحقيقية ليست في أزمة عودة الجماهير للملاعب أو أزمة مباراة تقام في استاد معين ولا أزمة تحكيم في مباراة في الدوري ولا هي مشكلة تعيين مجلس إدارة ناد أو اتحاد بعينه. ولا فقدان مركز كان مضمونا في بطولة دولية. فهكذا هي الرياضة من الممكن أن تفوز وتخسر والحكم يخطئ ويصيب ومجالس الإدارة تختلف وتتغير وسيرحل المسئول عن الرياضة ويأتي غيره وسيبقي هكذا الحال طالما بقيت الحياة وبقيت الرياضة.
المشكلة الأساسية - وليست الوحيدة - التي تواجهها الرياضة المصرية هي أن مصر ظلت لسنوات طويلة تقدم الخدمة الرياضية للمواطنين بأقل من تكلفتها مستندة في ذلك إلي أن الموازنة العامة للدولة ستقوم بتعويض الفارق بين التكلفة الحقيقية والعائد المحصل. ومع استمرار زيادة التكلفة مع ثبات العائد المحصل لأسباب سياسية انتخابية عمقية لم تستطع الموازنة العامة للدولة مع مرور السنين سداد هذا الفارق فحدث العجز المادي وتراكم عاما بعد عام مما أدي إلي سوء الخدمة وعدم اتباع أساليب الصيانة السليمة وعدم مواكبة التطور في المنشآت الرياضية لا من ناحية المستوي التقني ولا من ناحية العدد المطلوب والتوزيع الجغرافي لتوفير هذه الخدمة لأبناء الشعب في مكان تواجدهم وأدي أيضا هذا العجز إلي عدم تأهيل الكوادر والخبرات الرياضية بالشكل اللازم والضروري لاكتشاف المواهب وصقلها وعدم توفير الاحتكاك الدولي اللازم والملائم وبالتالي التقليل من قدرة الرياضة المصرية والمنتجات المصرية علي المنافسة الحقيقية في المحافل الدولية العالمية.
وإذا كانت هذه هي المشكلة الأساسية فإن الاطار العام لبعض الوسائل المقترحة من وزارة الرياضة لحل الأزمة تتلخص في الحصول من المواطن علي تكلفة الخدمة الرياضية كاملة مع نسبة معقولة من الربح وتخصيصها لأعمال الصيانة والتطوير وتحويل المنشآت الرياضية التي انفقت عليها الدولة ومازالت تنفق مليارات من الجنيهات إلي كيانات تحقق أرباحا بدعمها برؤي وأفكار ومقترحات حديثة مبتكرة وجذب المؤسسات الاقتصادية الكبري ورجال الأعمال للاستثمار في المجال الرياضي والبنية الأساسية الرياضية بإتاحة الفرصة الحقيقية لهم لتحقيق أرباح تعادل أو تفوق الاستثمار في مجالات الصناعة والزراعة وغيرها. وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص لرعاية الأبطال الرياضيين رعاية كاملة وأيضا إلي رعاية اتحاد لعبة رياضية بالكامل ومشاركة الإعلام في تغطية الأحداث الرياضية بشكل أوسع وأشمل لجذب رءوس الأموال للاستثمار في الرياضة. وقد شمل مشروع قانون الرياضة المقدم من الحكومة إلي مجلس النواب علي جميع هذه الرؤي.
هذه هي بعض الوسائل التي بدأنا منذ فترة اتباعها لاحداث الفارق الذي قد يستغرق بعض الوقت ويختلف معنا بعض الخبراء في هذا المنهج ونحترم اختلافهم ولكن - من وجهة نظرنا - انه السبيل الوحيد للرياضة المصرية حتي تستمر في خدمة أبناء الشعب وتتطور وتواكب التقدم العالمي وتحقق نجاحا يسعد به المصريون جميعا.