أحمد سليمان
في حب مصر .. مصر الستينيات تعود
في ستينيات القرن الماضي كان الجنيه بثلاثة دولارات لقوة الاقتصاد وقتها الذي كان يعتمد علي عناصر عدة منها:
ـ كان لدينا مصنع للحديد والصلب يغطي الاستهلاك المحلي ويتم تصدير انتاجه.
ـ كان لدينا إنتاج يتمتع بالميزة النسبية وهو القطن طويل التيلة الذي كان يتم استخدامه في التصنيع المحلي وتصدير كميات كبيرة منه للخارج وكان الإقبال عليه كاسحاً من كل الدول تقريباً.
ـ كانت لدينا قلعة صناعية للمنسوجات بالمحلة الكبري تغطي الاستهلاك المحلي ويتم تصدير انتاجها لدول العالم.
ـ كانت لدينا شركة النصر للسيارات التي كانت تغطي جزءاً كبيراً من احتياجات السوق المحلية من السيارات التي كان يتم تجميعها دون الحاجة للاستيراد.
ـ كانت لدينا شركات إيديال لصناعة الثلاجات. وباتا للأحذية وتليمصر لصناعة التليفزيونات. وأبو قير للاسمدة والبلاستيك الأهلية وسيماف لتصنيع عربات السكك الحديدية وبيع المصنوعات المصرية وعمر افندي وبنزايون التي توفر ما يحتاجه البيت المصري من ملابس وأجهزة كهربائية بأسعار مخفضة. وغير ذلك من شركات.
ـ كانت البيوت في الأرياف تكتفي ذاتيا في تصنيع الخبز وتربية الطيور وزراعة الخضراوات ولم تمثل عبئاً علي الدولة.
ـ كانت المصانع والشركات المنتجة كثيرة لدرجة تستوعب معها أعداد خريجي الجامعات والمدارس الفنية كل سنة.
ـ كان الشعب بكل طوائفه ملتفاً حول القيادة السياسية وقتها وهو الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في مواجهة التحديات والمؤامرات الخارجية.
ومنذ السبعينيات وما تلاها من سنين تغيرت هذه الصورة. ومنذ عامين أو أكثر بدأت تدور عجلة الإنتاج من جديد وظهر بقوة فكر استعادة مصر لدورها الصناعي الذي يمثل طوق النجاة الوحيد للاقتصاد لعبور مرحلة عنق الزجاجة إلي مرحلة الانطلاق. وهذه الخطوات تمثلت في الآتي:
ـ جاء إلي مصر فريق من الخبراء الروس وزاروا مصنع الحديد والصلب بحلوان ودرسوا احتياجاته لإعادة تشغيل أفرانه بكامل طاقتها وهو ما يتم العمل عليه حالياً.
ـ شركة النصر لصناعة السيارات تستعد لاستئناف الانتاج من جديد بعد أن زارها وفد تركي نظراً لسابق انتاج السيارة شاهين من قبل بها بخبرات تركية. بالإضافة إلي وجود مفاوضات مع شركات عالمية أخري لتصنيع سياراتها بشركة النصر.
ـ صدرت التعليمات بحل مشكلات مصانع النسيج بالمحلة الكبري ودمنهور بعد أن توصل علماؤنا إلي إنتاج سلالة جديدة من القطن طويل التيلة بلغت تسعمائة ألف طن تم تصديرها بالكامل. بالإضافة إلي شراء ماكينات تصنيع القطن طويل التيلة بعد أن كانت الماكينات الموجودة بهذه المصانع لا تعمل بهذا القطن. وفي ذلك بشري لاستعادة الميزة النسبية لمصر في هذا المجال.
ـ المزارع السمكية التي سيتم افتتاحها بعد أيام ببورسعيد وغيرها بكفر الشيخ ستكون كفيلة بتغطية جزء كبير من احتياجات السوق المحلية بأسعار أقل وتصدير ما تبقي.
ـ تم الانتهاء من نسبة كبيرة من مدينة الأثاث بدمياط لتغطية الاحتياجات المحلية وتصدير الفائض.
ـ هناك مشاورات لإعادة تشغيل شركة باتا لصناعة الأحذية بإنتاج حديث يواكب العصر وبأسعار في المتناول.
ـ شبكة الطرق التي تم تنفيذ جزء كبير منها وتغطي مساحات كبيرة من محافظات الجمهورية تساهم في جهود التنمية بعد توفير أهم عناصر البنية التحتية لأي مشروع.
ـ محطة الضبعة النووية التي كانت حلماً لتوفير الطاقة السلمية سوف تصبح واقعاً عند توقيع الاتفاق النهائي لإنشائها بعد أقل من شهر.
ـ العاصمة الإدارية الجديدة التي تم الانتهاء من ثلاثين بالمئة منها ستمثل نقلة نوعية للحياة في مصر.
ـ تطوير العشوائيات أصبح واقعاً بعد أن كان مجرد حلم فشلت فيه الحكومات المتعاقبة. فتم ويتم وسيتم نقل سكان العشوائيات إلي مناطق سكنية مطورة توفر حياة كريمة لهم.
ـ واحد ونصف مليون فدان يتم زراعتها بالقمح والمحاصيل الأخري. وكما قال وزير الزراعة منذ يومين إن هذا المشروع بالإضافة إلي إنتاج سلالات جديدة من القمح ستحقق الاكتفاء الذاتي من هذا المحصول الاستراتيجي خلال ثلاث سنوات علي الأكثر.
ـ اجتماعات عديدة تم عقدها بحضور رئيس الوزراء لبحث إعادة تشغيل المصانع المتوقفة.
ـ مائتا مليون جنيه متاحة بقرار سيادي لمنح قروض بفائدة خمسة بالمئة لمشروعات صغيرة ومتناهية الصغر للشباب سوف تساهم في حل جزء من مشكلة البطالة.
ـ تحرير سعر صرف الجنيه في مقابل العملات الأخري وعلي الرغم من صعوبته إلا أنه خطوة مهمة تساهم في تعافي الاقتصاد المصري من كبوته وسوف تظهر آثاره خلال أقل من عام واحد.
ـ ربط الجنيه بعملات أخري مثل اليوان الصيني والروبل الروسي كفيل بتخفيف ارتباطه بالدولار وإنهاء سيطرة العملة الأمريكية علي حياتنا الاقتصادية.
ـ مشروعات قومية أخري في أماكن عديدة اقتربت علي الانتهاء وسوف تفرق كثيراً اقتصادياً.
ـ يتبقي أن تعود ربات البيوت في الارياف إلي الفرن البلدي لإنتاج الخبز وألذ الوجبات كل يوم. والاعتماد علي المساحات المملوكة للأسرة لزراعتها بالخضراوات وتربية الطيور والماشية لتغطية احتياجات الأسرة طوال العام.
ـ التفاف المصريين حول الرئيس السيسي في مواجهة التحديات والمؤامرات الخارجية والداخلية بمنتهي الوعي والحرص علي حماية الوطن.
استعادة روح وصورة مصر في الستينيات كفيلة بعبور الأزمة الاقتصادية والانطلاق بقوة لحياة أفضل وهو ما أكدت عليه معظم المؤسسات الاقتصادية العالمية.