إنه ثالوث يحتاج من جميع المصريين حكومة وشعباً إعلان الحرب عليه بلا هوادة أو رحمة حتى لا يتحول بلدنا إلى جمهورية موز.. إنه تحالف «الإرهاب والفساد والإهمال» الذى يدمر المصريين.
ليس أقسى على النفس من جريمة القتل، فما بالنا لو أن هذه النفس كانت بريئة وقتلوها دون ذنب، شعور بشع لا يحسه إلا أصحاب النفوس السوية، لحظات حزن قاسية بالفعل يعيشها المصريون بعد كل حادث إرهابى يقتل جندياً أو ضابطاً أو مواطناً، طفلاً كان أو عجوزاً، رجلاً أو امرأة، هذا هو أول ضلع فى مثلث تدمير مصر والمصريين واستنزاف مواردها، فالإرهاب اللعين لا يكتفى باستنزاف أرواح المصريين الأبرياء، ولكنه يضرب السياحة والاستثمارات الأجنبية فى البلد، وبالتالى يحصد أرواح الشهداء الذين يرجعون إلى خالقهم ليعيشوا أحياء يرزقون، بينما يُخنق الأحياء بأزمة اقتصادية موجعة لا ينجو من آثارها غنى ولا فقير.
وغنى عن القول أن نظام أى دولة لا يمكنه مواجهة الإرهاب بالوسائل الأمنية وحدها، دون خطة واضحة محكمة تتم ترجمتها على أرض الواقع لاستئصال جذوره الفكرية، داخل البيوت ودور العبادة والمدارس والمعاهد العلمية، وكل ذلك لا جدوى منه دون ظهير شعبى يساند الدولة فى هذه المواجهات على كل المستويات الآنية والمستقبلية.
الضلع الثانى فى ثالوث التدمير.. وهو عامل مشترك يغذى الإرهاب ويقود إلى الفساد، فإهمال الجهات الرقابية مراقبة الوزارات والهيئات الحكومية يؤدى حتماً إلى تفشى الفساد وإهدار موارد الدولة، وهو سبب من أسباب غياب أو تدنى الخدمات المقدمة للمواطنين وشعور البعض بالإحباط والاستسلام لمقولة «البلد دى مش بلدنا»، وبالتالى وقوع عدد من الشباب فريسة لاعتناق أفكار ضد الدولة ربما تقودهم إلى التجنيد فى جماعات العنف المختلفة.
أما الفساد فقد أثبتت قضية واحدة فقط تم ضبطها خلال الأشهر القليلة الماضية والمعروفة بـ«فساد القمح»، أن خسائر مصر من الفساد تقدر بمليارات الجنيهات سنوياً، ويكفى أن نتأمل حجم الكفالة التى سددها متهم واحد من أصحاب صوامع القمح، وهو «أبوحطب»، خلال تحقيقات النيابة ليخلى سبيله لنعرف حجم المكاسب الحرام التى جمعها أفراد شبكة فساد القمح خلال موسم حصاد واحد، فقد تجاوز المبلغ الذى سدده المتهم 500 مليون جنيه، غير أن خطورة الفساد لا تقتصر على الجوانب المالية وحدها، فبالرشوة يمكن لجماعات إرهابية أن تمر بشحنات أسلحة، وبالفساد أو بالإهمال يمكن لإرهابى أن يختبئ سنوات داخل «كومباوند»، أو بجوار منشأة مهمة، أو يستمر فى عمله داخل مؤسسات حساسة مثلما حدث مع أحد المتهمين بتفجير الكنيسة البطرسية، الذى تم القبض عليه وهو يعمل مراقباً جوياً للملاحة بمطار القاهرة الدولى.. نهايته الحرب على «الثالوث» أو تلاشى «مصر الكبيرة».. وكلنا مدعوون للمشاركة، فلا مجال لنظرية جحا هذه المرة.