عندي إحساس أن الصحافة الحكومية أو القومية حتي لا يغضب الحكوميون مصيرها إلي زوال. أو علي الأقل إلي فشل أكثر مما هي عليه الآن.
الذي أتوقعه بعد صدور قانون الهيئات الإعلامية أن يتم القضاء علي البقية الباقية من "نفس" مازال يسري في بعض وسائل الإعلام الحكومية من صحف وقنوات تليفزيونية ومحطات إذاعية.
في المؤسسات الصحفية الحكومية علي سبيل المثال. ينتظر الكثيرون البدء في تنفيذ القانون وإجراء تغييرات في رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف والمجلات. ويتفاءلون خيرا بهذه التغييرات المنتظرة.
عن نفسي لست منتظرا ولا متفائلا. فالتغييرات لا تعنيني من قريب أو بعيد. فالمشكلة ليست في الأسماء لكنها في السياسات أساسا وفي بنية هذه الصحف. فهي في أغلبها تتوجه للحكومة فقط. ولا تعني سوي بعدد محدود من القراء هم المسئولون في الدولة. اما الجماهير العريضة فلتذهب إلي الجحيم.
قد يتم اختيار اسماء لامعة ومحترمة يمكنها إحداث بعض التغييرات الشكلية. لكن الجوهر أو الهيكل الأساسي سيظل كما هو. وسيظل انعدام ثقة القراء في أغلبها وانصرافهم عنها مستمرا. فهي لن تستطيع تطوير نفسها والاستجابة لمستجدات العصر لأنها لا تملك الأدوات ولا حتي الرغبة. وبالتالي ستصبح مثل عدمها ولن تفيد الحكومة في شيء. وسيبحث القارئ عن مصادر أخري يستقي منها معلوماته التي سيكون بعضها صحيحا والبعض الآخر مضللا. والمحصلة النهائية أن صحف الدولة. بهذه الكيفية. ستكون ضد الدولة وليست معها كما يظن المسئولون العباقرة.
المشكلة الأساسية التي يحاول معظمنا تجاهلها أن هناك سعيا حثيثا من الدولة إلي تأميم الإعلام كله. حكومي وخاص. ليكون صوتا واحدا هو صوت النظام. ظنا أن الظرف الحالي - هو ادعاء وليس ظنا - يتطلب ذلك. مع أن هذا الظرف تحديدا يتطلب التنوع. والرأي والرأي الآخر. وعدم المصادرة لأن في المصادرة كبتا سيولد العنف لنظل في نفس الدائرة الجهنمية التي تدفع بنا إلي الوراء دائما.
الذي أعرفه أن الاعلام القومي هو اعلام رشيد. منضبط. غير منحاز سوي للحق. اعلام يدرك ان للمواطن حقوقا عليه. وان النقد أو الاختلاف ليس خيانة. ويدرك كذلك انه لا أحد فوق النقد. وانه بالنقد وحده. مادام موضوعيا وللصالح العام. يمكن اصلاح الأحوال. لكن يبدو أنها جينات معظم الاعلام الحكومي المتأصلة التي لا ترضي بديلا لأصحابها عن موقع "الخادم المطيع" دون أن يطمحوا حتي إلي أن يكونوا "الناصح الأمين".. ونقول لمين.. أحلي حاجة تكبير الدماغ!