قولوا لوزير التموين يرحمنا من تصريحاته المستفزة.
إذا لم يكن في استطاعته أن يساعدنا بتوفير السلع الأساسية وضبط منظومة التموين الشهرية التي عذبت المواطن الغلبان فلا أقل من أن يرحمنا من تصريحاته التي لا تمت إلي الواقع بصلة.. وتبدو كما لو كانت موجهة إلي أناس آخرين غير الشعب المصري.
الوزير يدلي بتصريحات ويصدر بيانات تؤكد عدم وجود أزمة في أي سلعة.. أي سلعة.. وأن المنافذ التموينية تعمل بكفاءة من حيث توافر السلع وثبات الأسعار وصرف الحصص.. مع التركيز علي السلع الأكثر أهمية مثل الزيت والسكر والأرز والمسلي والمنظفات الصناعية.. والناس تسمع هذا الكلام أو تقرأه وتضرب كفا بكف.. فالواقع الذي يعيشونه يقول عكس ذلك تماما.
الواقع يؤكد أن هذه السلع الرئيسية غير متوفرة في معظم الأحيان.. والمواطن يذهب إلي المنفذ التمويني - البقال أو المجمع الاستهلاكي - أكثر من مرة لصرف مقرراته وغالبا ما يجد عجزا في بعض السلع أو يواجه بعطل في ماكينات الصرف.. وهو يترجم هذا العطل مباشرة إلي أنه مجرد تغطية علي عدم توافر السلع.
والوزير يصر علي أن الحملات الرقابية تقوم بدورها لضمان التزام البقالين والمنافذ الأخري بتوفير السلع للمواطنين وهذا للأسف ما لا يحدث علي أرض الواقع.. ولم تشاهد هذه الحملات ولو من باب "المنظرة" حتي تعطي مصداقية لتصريحات السيد الوزير.
الحقيقة المرة التي لا يراد لها أن تعلن هي وجود عجز كبير في هذه السلع الأساسية التي يتحدث عنها الوزير.. ناهيك عن انفلات اسعارها.. حتي وصل السكر في بعض المناطق إلي 20 جنيها للكيلو.. ليست هذه ادعاءات إخوانية كما يتصور محافظ بورسعيد المنفصل عن الواقع لكنها - للأسف - الحقيقة التي يعيشها المواطن رغم كل ما يصله من تصريحات استفزازية غير صحيحة.. ولا تستهدف غير التمويه.
ثم هي أيضا الحقيقة التي أثبتتها التقارير الرسمية الرصينة.. وآخرها تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء الذي أكد ارتفاع الأسعار في نوفمبر الماضي بمعدلات غير مسبوقة.. بسبب تعويم الجنيه وزيادة أسعار المواد البترولية.. فقد ارتفعت أسعار الأرز بنسبة 56.5%.. وأسعار اللحوم والدواجن بنحو 18.9%.. وقفزت أسعار مجموعة الزيوت والدهون بنحو 38.4%.. وارتفعت أسعار الأغذية السكرية بنحو 47.4%.. أما أسعار السكر فقد زادت بنسبة 68.3%.
وفي 3 ديسمبر الجاري نشرت "أخبار اليوم" تقريرا نسبته إلي "مصادر رسمية" يؤكد أن أسعار السلع والخدمات ارتفعت بنسبة تزيد علي 30%.. وأن الحكومة فشلت في "ردع الغلاء".. كما أن الحملة التي دعا إليها جهاز حماية المستهلك بالامتناع عن الشراء فشلت هي الأخري في مواجهة زيادة الأسعار.
وفي عدد الثلاثاء الماضي نشرت "المساء" بيانا لنقابة بقالي التموين يؤكد وجود عجز كبير في توافر السلع الأساسية.. وخاصة السكر والأرز والزيت وصل في مناطق جنوب القاهرة إلي حوالي 70%.. وقال سالم عبد الحميد المتحدث باسم النقابة إن منظومة التموين تتعرض حاليا للانهيار منذ استقالة الوزير السابق خالد حنفي وعدم قدرة الوزير الحالي علي السيطرة علي الموقف داخل وزارته.. وفي ظل غياب كامل لأجهزة الوزارة.
الخلاصة.. ياسيادة الوزير اللواء ان الناس تعاني اشد المعاناة فعلا من عدم توافر السلع وارتفاع أسعارها.. والمنتظر منك أن تحل هذه المشكلة.. فإن لم تستطع فارحمنا فقط من تصريحاتك المستفزة.. التي لا علاقة لها بالواقع.