المصريون
رزق المدنى
ثقوب في الجلبَاب العربي
لا أحد يستطيع إنكار أننا أمام شواهد كثيرة تؤكد على استمرار الحالة المزرية التي وصل إليها العمل الجمعي للدول العربية دون ظهور أي بوادر لرتق هذه الثقوب بمشرط المصلحة العليا والمصير المشترك كما هي الحروف الأولى في ميثاق إنشاء جامعة الدول العربية. فمعظم القضايا البينية وحتي الخارجية عند التعاطي معها يظهر مدي الإختلاف في التوجهات ، لدرجة أن القضايا التي تختلف فيها الدول العربية أكثر مما يجمعهما ، مما يزيد من إتساع مساحة الثقوب في جلباب العمل العربي المشترك إن كانت له بقية ، فبعد الخلاف الحاد الذي ظهر مؤخراً بين الدول العربية في غينيا الإستوائية حين استضافت القمة العربية الإفريقية ، ونتيجة غياب التنسيق المشترك تجاه القضايا المصيرية ، تضامنت بعض الدول العربية " اليمن و الصومال والسعودية وقطر و البحرين والكويت الأردن وعمان" ، مع إنسحاب المملكة المغربية من القمة إحتجاجاً على مشاركة وفد من جبهة البوليساريو ، في الوقت الذي إرتأت دول عربية أخرى الإستمرار في فاعليات القمة مما يعد ضميناً موافقتها على هذه مشاركة الجبهة في القمة ومن ثّم تجاهلت هذه الدول موقف جبهة البوليساريو من مشروعها الإنفصالي وحربها ضد المغرب مما يمثل تهديداً لوحدة وسلامة أراضي دولة عربية . ومن مشاهد صور التفسخ العمل العربي وغياب التنسيق ، حين أعلنت إيران مؤخراً عن سيطرتها بشكل كامل على مضيق هرمز الذي يربط الخليج العربي بخليج عمان و المحيط الهندي ، مما يهدد سلامة المرور البحري للدول الخليجية خاصة الكويت و العراق و الإمارات وقطر التي يعتبر المضيق المنفذ البحري الوحيد لها على العالم بخلاف السعودية التي تمتلك منافذ على البحر الأحمر. مع هذا التطور الجديد في منطقة الخليج كنت أنتظر إعلانا قوياً يصدر من القاهرة يمثل صوت جامعة الدول العربية ، يؤكد وقوفها وتضامنها الكامل مع الدول الخليجية ضد تهديدات إيران ، بدلاً من خروج الشيخ حمد بن محمد الشرقي حاكم إمارة الفجيرة "منفرداً" ليقلل من أهمية إعلان إيران سيطرتها على مضيق هرمز، معتبراً أن تهديدها بإغلاق المضيق "أصبح من الماضي" لأن الدول الخليجية أصبحت تعتمد على طرق أخرى لتصدير نفطها ومنتجاتها للعالم الخارجي ، مما ينظر إليه على أنه تراجعاً في حقها الاصيل بالمرور من المضيق و في نفس الوقت يعد أذعاناً لسياسات إيران المتغطرسة في المنطقة . وعلى الرغم من أن المنطقة العربية من الخليج إلى المحيط تمر بظروف سياسية غاية في الخطورة ، تشكل في مجملها تهديداً وجودياً لها ، مما يستوجب معها حتمية التعاون والتنسيق المشترك و العمل على جعل مصلحة الدول العربية العليا تأتي في المقام الأول وقبل المكاسب و المصالح الآحادية الضيقة التي بدورها تخصم من الرصيد العمل الجمعي . لكن حتى الأن الإرداة الحقيقية والنوايا المخلصة غائبة ، ليبقى التعاون الفعال المثمرحلم بعيد المنال ، حتى و إن خرجت تصريحات المسؤولين تبشرنا بقرب نزول المن والسلوى على الرغم تلال سحب الدخان التي تملء الأجواء

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف