الأهرام
محمد أمين المصرى
فتاة من حلب
بعثت فتاة من حلب رسالة مهمة الى شيوخ الأمة العربية، والى الفصائل السورية المتحاربة، والى كل من إدعى يوما أنه يحمل هموم المسلمين.. قالت الرسالة التى حزت مكانة متميزة فى قراءات السوشيال الميديا الأسبوع الماضي:«أنا إحدى فتيات حلب التى سيتم اغتصابها بعد لحظات.. فلم يعد هناك سلاح ولا رجال تحول بيننا وبين وحوش ما يسمى جيش الوطن.. لا أريد منكم أى شيء.. حتى الدعاء لا أريده.. فما زلت قادرة على الكلام وأظن أن دعائى سيكون أصدق مما ستقولون».

وتضيف الفتاة الحلبية فى رسالتها: كل ما أريده منكم ألا تأخذوا مكان الله وتفتوا فى مصيرى بعد موتى.. أنا سأنتحر..ولا أكترث إن قلتم إننى فى النار!..سأنتحر لأننى لم أصمد كل تلك السنوات فى بيت أبى الذى مات وفى قلبه حرقة على تركى وحيدة..سأنتحر ليس لشىء بل كى لا يتلذذ بجسدى بضعة عناصر كانوا ومنذ أيام يخافون نطق اسم حلب..سأنتحر لأن فى حلب قامت قيامة القيامة ولا أعتقد أن هناك جحيما أقسى من هذا.. سأنتحر وكلى علم أنكم ستتوحدون على فتوى دخولى النار.. الشىء الوحيد الذى سيوحدكم هو انتحار فتاة ليست بأمك ولا أختك ولا زوجتك.. فتاة لا تهمك».

وتختتم الفتاة الحلبية رسالتها قائلة: «أصبحت فتواكم لدى كهذه الحياة لا قيمة لها على الإطلاق فاحفظوها لأنفسكم ولأهلكم..سأنتحر.. وعندما تقرأون رسالتى هذه اعلموا أننى مت طاهرة رغما عن الجميع».

لا تزال فاجعة حلب تدمى قلوب العرب، شعوبا وليس قادة، منظمات مجتمع مدنى وليس حكومات، فكل ما هو رسمى لم يفعل شيئا من أجل إنقاذ سكان حلب من الجحيم الذى يعيشونه منذ سنوات، لتشتد المعارك مع إعلان الجيش السورى أنه يقترب من تحرير المدينة من المعارضة التى سيطرت عليها لفترات طويلة.

لا أحد يعرف اسم الفتاة صاحبة الرسالة التى تفضل الانتحار وتغضب الخالق عز وجل على أن تتعرض لحوادث اغتصاب من الجندى هذا أو المعارض ذاك، فكلاهما وحشان لا يفرقان مع فتاة أصبحت وحيدة بعد فراق الأسرة فى المعارك الكثيرة التى شهدتها وستشهدها حلب. حتى لو كانت رسالة الفتاة وهمية لمجرد تفجير النخوة فى الشعوب والحكومات العربية لسرعة التدخل لانقاذ حلب من الحروب والفظائع التى تتعرض لها، فيبدو أنه لم يتحرك أحد حتى لتغيير مصير تلك الفتاة وغيرها من التعرض للاغتصاب. وإذا كانت دول بأكملها يتم اغتصابها، فلن تؤثر فينا رسالة فتاة.. كان الله فى عون الشعوب العربية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف