الفجر
سامى جعقر
إرهابيون فى حضن الدولة
حين تجبرك السياسة على البقاء مع أفعى فى مكان واحد


الإرهابى الحقيقى، ليس المجرم الذى ضغط الزناد، أو فجر قنبلة، لكنه ذلك الشخص الذى يطلق فتاوى الكراهية والدم، التى تدفع إنساناً ليكون اليد التى تنهى حياة الأبرياء، فتدمى قلوب الأمهات، وتفجع أفئدة الآباء الذين فقدوا أبناءهم، وأسوأ أنواع الإرهابيين هم أولئك الذين يستكثرون على المعذبين لقب شهيد، رغم أن الكلمة لا تشكل سوى عزاء بسيط، لأن الأمر كله لله، يدخل من يشاء الجنة أو يعاقب من يشاء بالنار.

منذ سنوات يطلق الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، ما يشبه الفتاوى التى تؤسس لكراهية كل من يختلف معه فى الأفكار، من المسلمين، ويؤسس لكراهية أشد للمختلفين معه فى الدين، خصوصاً الأقباط الذين يعتبرهم شركاء الوطن، فيما بخل حزبه «النور» عن وصف ضحايا الإرهاب منهم بـ«الشهداء».

1- برهامى، وصف فى أحد الفيديوهات المنتشرة التى تحمل فتاويه «أقباط مصر بالأقلية المجرمة الكافرة التى تسعى للاعتداء على الأغلبية المسلمة حين تتبع الديمقراطية والدستور»، وقال أيضاً: «الأقباط إخواننا فى الوطن لكنهم كفار سيدخلون جهنم، وفى حاجة لمزيد من الدعوة للرجوع إلى الله والتحرر من سلطة طواغيت الكنيسة»، لذا لا تندهش أبداً حين تخطط خلية إرهابية تستند إلى هذه الفتوى لتفجير كنيسة يرتادها عباد الله من الأقباط ليفجروها ويحصدوا أرواحهم الطاهرة التى كانت تسبح لله وتصلى.

ولا تندهش حين تعرف أن برهامى يدعو لدين جديد، قوامه الاستكبار على خلق الله، فيدخل من يشاء منهم فى رحمته ويمنع من يشاء، ويعدل فى مقاصد الدين ليخدم غطرسته، بدلاً من أن يتحلى بروح التواضع وفق تعاليم النبى محمد بن عبدالله، الفقير، اليتيم، الضعيف، الذى لم يكفر أحداً من أهله، ولم يدع لكراهية إنسان، ولم يدع إلا للرحمة لجميع البشر، الخطائين منهم قبل الغارقين فى العبادة، الذى كان نموذجاً حياً لما يجب أن يكون عليه المسلم، والإنسان، فيضاً من الرحمات على العالمين، ألم يكن رحمة لهم كما قال الله، فكيف يكون أتباعه يا برهامى، عشاقًا للدم والخراب ورسلاً للرعب بين الآمنين.

2- قيادات حزب النور، الذى يعتبر برهامى مرجعيته الدينية والسياسية، استنكرت على لسان رئيس الحزب يونس مخيون، وجلال مرة، الأمين العام، أحمد خليل خير الله، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب، التفجير الإرهابى الذى استهدف الكنيسة البطرسية، واعتبروه لا يستهدف الكنيسة فقط، ولكن يستهدف استقرار الوطن وتماسكه وأن «استهداف وقتل الأبرياء عمل إجرامى لا علاقة له بالدين الإسلامى، ولا يمكن أن يصدر من مسلم يعرف الإسلام، لأن الإسلام من الناحية الشرعية يكلف المسلمين بالحفاظ على أمن وحرمة دور العبادة جميعاً، سواء كانت إسلامية أو غير ذلك»، مقدمين خالص العزاء لأسر «الضحايا».

اتفاق قيادات الحزب السلفى، على وصف الأقباط الذين فقدتهم مصر فى الحادث بـ«الضحايا»، ليس وليد الصدفة، لكنه إساءة لجميع المصريين والمسلمين، مع سبق الإصرار، ودليل منهجية واضحة تحكم الحزب، الذى لم يصدر عنه بيان يعبر عن جميع قياداته وأعضائه، إذ تحملت القيادات المهمة وكأنهم يرفعون الحرج عن الأعضاء الذين يؤمنون بنفس الأفكار التى دفعت الإرهابى إلى التعدى على عباد الله فى الكنيسة.

3- يعتبر حزب النور، والدعوة السلفية، التى يتحكم فيها برهامى، آخر مكونات تحالف 3 يوليو، الذى لا يزال يساند الرئيس عبد الفتاح السيسى، إلى جانب مؤيديه من المواطنين العاديين، فى شكل أقرب لرجل يطمئن إلى وجود أفعى فى حضنه، فبينما يدعو الرئيس لمراجعة الخطاب الدينى، يشكل النور وفتاوى برهامى، وقوداً ومسوغًا شرعيًا للإرهاب، وأداة تهدد مكونات الشعب المصرى، بازدراء الأقباط ودينهم وأحزانهم وأعيادهم، وهو ما يعنى أن ضرر هذا الحزب وهذا البرهامى أكثر من نفعهما.


تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف