سألت استاذنا الدكتور الطاهر مكي: هذه الآراء التي تتناول قضايانا الثقافية وما تصدره المطابع.. لماذا لا تنشرها في الدوريات؟
قال الطاهر مكي: أين هذه الدوريات التي أنشر فيها ما أكتب؟
وسكت. لأن هذه هي الحقيقة التي تضيف الي أوجاع حياتنا الثقافية. إبداع وأدب ونقد والهلال والرواية مقصورة علي عدد محدود يتيحه عدد الصفحات من الكتاب.. القصة تصدر فصلية.. مضي علي العدد الأخير من فصول أشهر طويلة.. الفنون الشعبية تصدر حسب التساهيل.
لا أدين. وإنما اتحدث عن دورياتنا الثقافية الغائبة. الدورية هي الجهد الجمعي لإبداعات الأدباء. الإصدار المنتظم الذي يحمل العديد من الإبداعات. والكثير من القضايا الثقافية. الدورية هي النافذة المتجددة التي يطل منها الكاتب علي قارئة. البانوراما المتسعة لحياتنا الثقافية والإبداعية.
إلي أوائل الخمسينيات من القرن العشرين. كانت رسالة الزيات وثقافة أحمد أمين مجلتين في الوطن العربي. وكان المثقفون ينتظرون قدومهما - كما روت ذكريات كثيرة - في مطارات العواصم المختلفة. ثم تجددت صحوة الدوريات في الستينيات بالعديد من المجلات التي كانت تعطي كل الاهتمامات الثقافية.. لكن الظاهرة الجميلة ما لبث ان شحبت. واختفت المجلات واحدة. فأخري. حتي "القاهرة" تحولت من مجلة الي جريدة أسبوعية تحرص علي ما ينبغي ان تقدمه الصحف.
اتسعت قاعدة المبدعين مقابلا لضيق وسائل الإعلام. حتي الصحف اليومية تفرض عليها المساحة المحددة ان تنشر الإبداعات القليلة الصفحات. وربما تضيق المساحة إلا عن نشر الاحداث الأدبية.
المجلة الأدبية هي المجال الأوسع لنشر إبداعات الأدباء. والمفروض - وفقا لزيادة اعداد المبدعين - ان تتعدد تلك المجالات. لكن العكس هو ما يطالعنا منذ سنوات. اختفت مجلة يحيي حقي. وفكر معاصر فؤاد زكريا. وكاتب أحمد عباس صالح. واختفت مجلات أخري كثيرة.
المجلات هي المتنفس الحقيقي لإبداعات الأدباء. وتعددها يعني إتاحة الفرصة للمزيد من الأقلام المبدعة. من الجميل ان يسهم المبدعون المصريون بكتاباتهم في دوريات الوطن العربي. لكن من العيب ان تكون تلك الاسهامات تعبيراً عن أزمة في وسائل النشر المصرية.
الكتاب خطوة تالية - ربما لا تحدث ! - للدورية التي تنشر ما يكتبه الأدباء. قد ينشر الأديب عشرات الإبداعات او المقالات في الدوريات المختلفة دون ان يشغله تضمين ذلك كله - او بعضه - كتبا مستقلة. المهم عنده ان يصل الي القارئ عن طريق الدورية الثقافية. أما الكتاب الذي يحمل اسمه فقد يصدر او لا يصدر. ثمة من يحرصون علي ان تكون لهم اعمالهم المستقلة. وثمة من يكتفون بنشر تلك الكتابات في الدوريات المختلفة.
الكتاب مهم. والدورية الثقافية أهم!