مع احترامي وتأييدي لكل الأصوات المطالبة بتعديل القوانين لسرعة التقاضي والفصل في جرائم الإرهاب ومع إيماني بأن العدالة البطيئة أشد وطأة علي أهالي الضحايا والشهداء إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه أيهما الأهم إعدام الجسد أم إعدام الفكر. والفكر الذي أقصده هنا هو الفكر الارهابي. الفكر الذي يستبيح الدماء ويستبيح حرمة النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق.
دعوني أقول وبكل صدق إن تشديد العقوبات ليس هو الحل في كل الحالات وعلي سبيل المثال لقد قمنا بتشديد العقوبات حتي وصلت إلي الإعدام للمتاجرين في المخدرات.. فهل توقفت تجارة المخدرات وهل امتنع التجار المهربون عن التجارة فيها وترويجها؟!
من هنا أقول هل تردع عقوبة الإعدام شخصاً يقوم بتفجير نفسه.. وماذا يفيد الشاة سلخها بعد ذبحها؟!.. من هنا أقول إن الأهم من تشديد العقوبات هو محاربة الفكر المتطرف الذي وصل بأناس يعيشون بيننا إلي حد أنهم يقومون بتكفير المجتمع وتفجير أنفسهم وقتل الضباط والجنود والمدنيين.. هذه هي القضية التي يجب أن نوليها اهتمامنا.. وعلينا أن نبذل الجهود لكي نقضي علي هذا الفكر والجهود التي أقصدها هنا متكاملة.. لا يجب أن يقتصر الأمر علي شيء واحد.. ينبغي مواجهة الفكر بالفكر عن طريق المتخصصين الذين يثق فيهم الناس من علمائنا وشيوخنا وليس عن طريق موظفين ومسئولين لا يثق فيهم أحد.. علينا البعد عن العبارات الرنانة والشعارات وتبادل الأحضان والقبلات وبيت العائلة وخلافه.. علينا مواجهة الفكر الذي انتشر نتيجة الجهل والمرض الذي عاش فيه المصريون طوال السنوات الماضية.. وعلينا ونحن نواجه الفكر المتطرف أن نقوم بالتنمية الحقيقية من مشروعات وخدمات حتي يشعر المواطن بأن هذه البلاد تهتم به وتوفر له الحد الأدني من الحياة الكريمة التي يستحق أن يحياها.
وعلينا أيضا ونحن نواجه الفكر المتطرف ألا يجرفنا التيار إلي التطرف في المواجهة وافتعال قضايا شائكة تجرنا إلي طريق أكثر خطورة وأتمني أن يتوقف بعض من يطلق عليهم إعلاميين ونشطاء ونواب وباحثين عن سكب البنزين علي النيران وينبغي ألا ينجرف بعض الأخوة الأقباط إلي دائرة يريد البعض جرهم إليها بالتعرض للدين الإسلامي والدخول في متاهات لا تدخل في اختصاصهم.. وسأكتفي هنا بما دونه المفكر القبطي بولس رمزي وهو صديق وأخ عزيز عندما قال في تدوينه له: المسيحيون الذين يطالبون المسلمين بتجديد البخاري ومسلم.. هل أنتم أيضا سوف تقبلون تنقية كتب الآباء الأولين؟!.. الخلاصة في هذه الجزئية أهل مكة أدري بشعابها.. وليعمل كل طرف في مجاله ويعمل علي تنقية البلاد من الفكر المتطرف حتي نعيش في أمان واستقرار.
***
حلب.. والجزيرة
تابعت عبر العديد من القنوات الفضائية لحظات ما أطلق عليه في العالم كله "إجلاء المسلحين من حلب" وفقاً للاتفاق بين روسيا وتركيا.. وهو الاتفاق الذي أعلنت روسيا أنه يتضمن خروج 5000 مسلح من حلب ومعهم جرحاهم ومصابوهم.. إلا أن قناة "الجزيرة" انفردت والحزن يملأ عيون مذيعيها المتعاقبين علي الإشارة إلي خروج المسلحين بالكتابة أول قافلة للمهجرين من شرق حلب إلي ريف حلب الغربي. وبينما أكد مستشار المبعوث الأممي الخاص إلي سوريا أن معظم المسلحين سيتم نقلهم إلي إدلب والبعض الآخر إلي تركيا. وأكدت الأخبار وصول البعض إلي تركيا.. فإن "الجزيرة" مصممة علي أن هولاء سيعودون للقتال ثانية.. بصرف النظر عن رأي البعض ما حدث في حلب.. فإنني أقول: لقد سقطت كل الأقنعة.. أين انت يا حمرة الخجل؟!
حمي الله مصر وحفظها من كل سوء.