ما أكثر مؤتمراتنا.. نتكلم فيها كثيرًا. ولا نعمل إلا القليل.. أي نحولها إلى مكلمة تنتهي بانتهاء المؤتمر.. وإليكم أكثر من مثال:
إذ منذ أيام عقدنا مؤتمرًا عن إنقاذ القطن.. وعن إنقاذ، أو إحياء صناعة الغزل والنسيج، التي كانت أهم صناعة مصرية طوال قرنين: التاسع عشر والعشرين.. وكان هذا القطن عصب الاقتصاد المصري.. وفي هذا المؤتمر أطلق الاقتصادي المصري العصامي محمد فريد خميس صرخة مدوية، لم تكن بالصوت، بل من خلال موسوعة عن صناعة النسيج في مصر عبر العصور.. وكان هو صاحب فكرتها. وكان الدكتور عبدالحليم نور الدين من قام بإعدادها وتجميعها وشارك فيها عدد كبير من العالمين ببواطن هذه الصناعة العظيمة من عصور الكتان والصوف ثم الحرير والقطن..
<< وانتهى المؤتمر.. ولا نعرف ما صارت إليه الأمور.. وسواء صدرت عنه توصيات واقتراحات، لم نعرف هل اتخذ المؤتمر اجراءات تحول كل ما قيل فيه إلى واقع عملي ملموس.. وهل نرى تطبيقًا عمليًّأ لهذه الأفكار ان كانت هناك أفكار قابلة للتنفيذ..
ومؤتمر الاستثمار الذي عقد منذ شهور عديدة لتشجيع الاستثمار في مصر، وشهدته مدينة شرم الشيخ.. وسمعنا عن مليارات ومليارات.. ترى ماذا رأى منها النور.. وماذا تحقق.. أم من الواجب أن ننشيء لكل مؤتمر جهازا للمتابعة والتنفيذ.
<< وربما نجا مؤتمر الشباب الأول ـ في شرم الشيخ ـ من هذا الوباء المصري الذي نعيشه لأن رئاسة الجمهورية ـ والرئيس نفسه ـ يتابعه.. ولذلك شهدنا يوم السبت الماضي المؤتمر الشهري الأول لمتابعة ـ واستكمال ـ ما تم طرحه في المؤتمر العام، وفيها: الشباب العام والشباب الشهري ـ استمعنا إلى أفكار جديدة جديرة بالاحترام.. ولكنني عن المؤتمرات الأخرى أتحدث.. وما أكثرها..
ترى: هل هناك من يتربح ويستفيد من مؤتمرات بعضها أخذ صفة العالمية سواء في صورة بدلات السفر.. والحضور.. وما أكثر هذه وتلك.. فضلاً عما تكلفته البلاد من أعباء استضافة وتنظيم وطباعة وغيره. أقول ذلك لأن فينا ـ ومنا ـ من هو شديد البراعة في «حلب أموال الدولة» بمناسبة وغير مناسبة..
<< ودون أن نعدد عدد هذه المؤتمرات وأعبائها المالية والاعلامية.. فنحن نعرف، دعونا نتحدث عما تستفيده البلاد منها.. بل دعونا هنا نتحدث عما أنفقته البلاد من أعباء مالية.. وهل نكتفي بتجميع كل ما يقال داخل هذه الكلمة العالمية.. ثم نقدم كل هذه الأوراق إلى جهاز «فرم الورق» أو نكتفي بتجميع كل ذلك وندفع به إلي المخازن أو تباع بالكيلو جرام لباعة الروبابيكيا..
<< ويا أهل مصر الكرام يا ليتنا نقلل من عدد هذه المؤتمرات.. أو نصر على تنفيذ ما خرجت به هذه المؤتمرات من توصيات أو أفكار.. ولا داعي للزفة الإعلامية التي تصاحب كل مؤتمر.. ولكن سرعان ما ننسي كل ذلك ونهيل عليه التراب.. أو كما يتندر بعضنا بالقول: إقلب الصفحة..
فإما تنفذوها.. أو اعتقونا.. وكفى مؤتمرات.. حتى ولو كره المستفيدون من هذه المؤتمرات في كل موقع أو وزارة.. أم نكتفي بتسديد فواتير ما نستورده من الصين.. خصيصًا لهذه المؤتمرات؟!