المساء
محمد غزلان
إبراهيم عيسي
وسط هذا الصخب الإعلامي وفيضان البرامج التليفزيونية لا أستطيع أن أخفي إعجابي بالزميل ابراهيم عيسي.. وإعجابي به ومتابعته ليس سببه انه يقول ما لا يقوله غيره أو لا يجرؤ علي قوله من الأساس. اعجابي به لأنه استطاع في فترة قصيرة أن يجذب لبرنامجه التليفزيوني أطيافاً عدة من مؤيديه ومعارضيه ونجح فيما لم ينجح فيه غيره في أن يحول برنامجه إلي ورشة بحثية تجذب من الضيوف اعلمهم. كل في مجاله وخلال الأيام القليلة الماضية وبعد العمل الخسيس وتفجير الكنيسة البطرسية أخذ ابراهيم عيسي وضيوفه يحلل كيفية صناعة الإرهابي وتجنيده وإعداده في عام أو عامين علي الأكثر ضارباً المثل بالإرهابي الذي فجر نفسه وأصاب مصر كلها بالحزن والأسي حزنا علي الشهداء الذين ماتوا وأسي علي غياب الدولة في رعاية شبابها بدلاً من تركهم لقمة سائغة في أفواه قادة التنظيمات الإرهابية يملأون أدمغتهم الصغيرة بفتاوي التكفير ومن ثم اطلاقهم بعد تحويلهم إلي قنابل موقوتة تنفجر في وجه المجتمع.
لقد وضع ابراهيم عيسي اصبعه في الجرح والدماء ودون طنطنة أو كلام فارغ. تكلم في الكثير من الموضوعات الخاصة بهذه القضية وهو ما لم يجرؤ غيره علي قوله. تنظيمات إرهابية تلتقط الصبية والشباب من الشوارع والأزقة والحواري الفقيرة في غياب دور حقيقي للدولة في اعداد هذا الشباب لما ينفع الناس والمجتمع وأتفق في الرأي تماماً مع "عيسي" في ان اعداد الارهابي في عامين فقط من الممكن أن يواجه بحملات تنوير وتثقيف وإعداد لتجفيف منابع الارهاب وأيضاً في مدة لا تتجاوز عامين.
والحقيقة ان القوانين وحدها وتغليظها لن ترهب الارهابيين الصغار الذين لعب قادتهم بعقولهم وافهموهم ان العمليات الارهابية تلك هي طريقهم إلي الجنة ونعيمها وإلي الحور العين اللاتي في انتظارهم في الملكوت الأعلي وإذا كانت حملات التنوير والتثقيف قد تغلق الباب أمام تجنيد المزيد من الشباب الصغار فإن التعامل مع مشروع الارهابي الصغير يجب إعادة النظر فيه من جديد واستخدام الوسائل العلمية والأساليب النفسية في معالجة هذه الأمور ويجب ألا يتم التعامل مع من يلقي القبض عليه في مظاهرة معاملة القادة المحرضين. كما لا يجب إلقاؤهم في السجون مع عتاولة الإرهاب. لقد تحولت السجون إلي مفارخ للإرهاب واعتناق الأفكار الأكثر تشدداً. كما يجب مراقبة المفرج عنهم في القضايا بطريقة أكثر عصرية من الملاحقات الأمنية التي تحول الإرهابي الصغير من مشروع ارهابي إلي ارهابي حقيقي. الملاحقات الأمنية تدفع مشروع الارهابي إلي إلقاء نفسه في حضن ارهابي أكبر يوفر له المأوي والحماية من أعين الشرطة وخلال تلك الفترة يتم تجهيزه لأعمال أكثر دموية.
هناك طرق أكثر آدمية في المراقبة والمتابعة معمول بها في كل دول العالم وأهمها الأساور المعدنية التي تعلق في ايدي المفرج عنهم لمعرفة أماكن تواجدهم وتحركاتهم بدلاً من الزيارات الأمنية وتدفعهم إلي الاختفاء والاحتماء بهذه التنظيمات الارهابية. هؤلاء الشباب الصغار يمرون بتجربة قاسية قد تؤدي في النهاية إلي عودتهم إلي حضن المجتمع أو تفجير أنفسهم في وجه المجتمع وإذا كان ابراهيم عيسي يكشف ويوضح ذلك في برنامجه فعلي الدولة أن تأخذ مثل هذه الأحاديث مأخذ الجد ويجب أن تشارك وزارات الشباب والتعليم والثقافة في جذب الشباب إليها لا تنفيرهم وان تكون هناك برامج حقيقية ليست أمنية فقط لمعالجة مثل هذه الأمور. ابراهيم عيسي مثقف حقيقي ومحب حقيقي لهذا الوطن لا يهدف إلي شهرة فقد أخذ نصيبه منها وما يزيد ولا يريد منصبا فلديه قلم وفكر يغنيه عن الطمع في أي منصب. جدية ابراهيم عيسي تجعلني لا أستطيع اخفاء اعجابي به.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف