محمد جبريل
لماذا ترتفع نسبة الإرهاب في الوطن العربي؟
يقول تقرير التنمية الإنسانية العربية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الانمائي لعام 2016 ان 45% من الهجمات الإرهابية في العالم اتجهت في سنة 2014 إلي المنطقة العربية.
النسبة محملة بدلالات خطيرة أهمها ان الإرهاب - في مجموعه - ظاهرة عالمية. لكنه يخص الوطن العربي بفعالياته الشريرة. ليس من خلال عمليات انتقائية يقدم علي ارتكابها انتحاريون. وإنما من خلال فصائل مسلحة. تسعي إلي اضعاف القدرات العسكرية والاقتصادية. ونشر الدمار والتخريب في أرجاء الوطن العربي.
العمليات الإرهابية في دول الغرب تتبع الأسلوب الخاطف لحرب العصابات. أدواتها أفراد يضعون المتفجرات في بعض المقار السياسية. كالوزارات والسفارات. أو أماكن التجمعات الجماهيرية كالميادين والاستادات والتجمعات الثقافية المختلفة. وقد تقتصر العملية الإرهابية علي إرهابي واحد. أو بضعة إرهابيين. يطلقون الرصاص علي شخصية محددة. أو بعشوائية علي التجمعات لمجرد إحداث حالة من الذعر بين الجماهير. بحيث تحدث تلك الحالة تأثيراتها علي مستوي البلاد.
أما في الوطن العربي فإن كثرة الفصائل الإرهابية والشعارات التي ترفعها والمساحات التي انتشرت فيها. ومطامع الخلافة التي تتطلع لتحقيقها.. ذلك كله يجد صداه في النسبة الهائلة للإرهاب في الوطن العربي. بالقياس إلي دول العالم.
الدول التي تدين غالبية مواطنيها بالإسلام لا تقتصر علي أقطار الوطن العربي. ثمة دول أخري ذات أغلبية مسلمة في آسيا وافريقيا. واقتصار العمليات الإرهابية علي الاقطار العربية بهذه الكيفية يؤكد ان المستهدف منها هو الحاضر والمستقبل العربي. بل والحضارة العربية. كما حدث في تدمير المناطق الأثرية ومتاحف العراق. وفي تجدد الهجوم علي مدينة تدمر السورية. وما سبق ذلك من محاولة نهب المتحف المصري بميدان التحرير.
الإرهاب الدموي البشع الذي تمارسه الفصائل المسلحة. بتعدد مسمياتها وشعاراتها. يكشف عن المعني الحقيقي لها في الوطن العربي. فبالاضافة إلي اتساع عملياتها بحيث شملت العديد من الأقطار العربية. فإن ممارساتها تناقض أبسط صور حرب العصابات. انها تتجه إلي المواطنين المسالمين. والبنية الأساسية. والطاقات العسكرية والاقتصادية والعلمية. التدمير هو الهدف الذي تعمل لتحقيقه القاعدة وداعش وجبهة النصرة وبيت المقدس وغيرها من المسميات التي يصعب تصور خطوات تكوينها ودعمها بالمقاتلين ذوي الجنسيات الأوروبية وتزويدها بالسلاح والمعلومات وطبيعة تكتيكاتها القتالية.. يصعب تصور ذلك كله. بعيداً عن معامل تفريخ الإرهاب. وتصديره في تل أبيب وواشنطن ولندن وغيرها. ولعلنا نستطيع التعرف إلي تلك المعامل من مبعوثيها إلي المنطقة العربية بدعوي الوساطة وإقرار السلم. والأسماء كثيرة.