عبد المنعم فؤاد
لا تخوّفوا المصريين بالأزهر.. والقرآن
منذ أن وقع الحادث الدموي البغيض في الكنيسة البطرسية بالقاهرة الأسبوع الماضي، والمرجفون في المدينة يلعبون بنار الفتنة، والتحريض علي ساحات الفضائيات، ويحرضون ضد الأزهر الشريف، وعلمائه، ومناهجه بدون وعي، ويتهمونه بأنه قصّر في تأدية واجبه تجاه تصحيح فكر هذا القاتل المجرم، وشباب مصر، بل وزعم البعض أن آيات الجهاد التي تُدّرس في الأزهر هي سبب هذا الإجرام الذي وقع ! ولهؤلاء جميعا أقول:
أولا : حنانيكم علي عقولنا، وديننا السمح، وعلي ازهرنا الشريف قلعة العلم والوسطية، وهذا الصرح، وتاريخه أكبر من أي اتهام، ويكفي مصر فخرا أنها أهدته للمسلمين في العالم، والمسلمون يعرفون قدره، وقدر مناهجه، وعلمائه في كل أنحاء الدنيا، وترّهات المغرضين لا تُنقص منه شيئا.
ثانيا : لا خوف علي أشقائنا المسيحيين في مصر من ثقافة الأزهر، فالأزهر يُعلّم أبناءه : مدي قوة العلاقة الرصينة بين المسلمين، والمسيحيين، ويُعلمهم: أن المسيحية هي أول من احتضن الإسلام في عهده الأول، وأن النجاشي المسيحي آنذاك أول من حافظ علي صحابة النبي الذين هاجروا إليه بأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يقبل أن يخذلهم، أو يسلمهم لكفار مكة أبدا، وهذه شهادة النبي له حينما قال لأصحابه:
إن هذا الملك المسيحي: (لا يُظلم عنده أحد)، وكان ذلك واقعا منظورا.
ثالثا : لا خوف علي أشقائنا المسيحيين من الأزهر الذي يُعلم أبناءه: أن أقرب الناس مودة في الدنيا للمسلمين هم النصاري، ومن يزعم عكس ذلك فهو لا يعلم منهج الإسلام، ولا منهج الأزهر.
رابعا : لا خوف علي مصر كوطن من ثقافة الأزهر، وهو الذي يُقرر في مناهجه : أن حب الوطن من الإيمان، وأن نبي الإسلام هو بنفسه من أقر هذه الثقافة، وقال عن مكة وقت خروجه منها: (والله إنك لأحب بلاد الله إلي الله؛ وأحب البلاد إلي قلبي، ولولا أن قومك أخرجوني ما خرجت).
فالأزهري يتعلم أن العقيدة بلا وطن، كالشجرة بلا ثمر.
ولذا فإن مواقف الأزهر الوطنية تجاه مصر هي خير شاهد للرد علي المرجفين، فالأزهر هو الذي تصدي للغُزاة من صليبيين، وفرنسيين وإنجليز، ويهود الخ، ومنبرُ الأزهر ارتقي عليه زعماء الثورات الوطنية في مصر: من عرابي إلي محمد كُريم، إلي سعد زغلول، إلي مصطفي كامل، إلي عبد الناصر، إلي السادات، حتي بطارقة النصاري صعدوا منبره، ومكرم عبيد اثني علي مناهجه، وعلي الإسلام بوجه عام، فمن ذا الذي يُزايد علي الأزهر الآن، ويُخوّف المصريين من علمائه، ومناهجه؟، أين أنت يا حمرة الخجل؟!.
خامسا : الذين يصطرخون بيننا، ويقولون : ماذا فعل الأزهر بآيات الجهاد، وهل تم حذفها عن المناهج أم لا؟، وماذا عن تقرير سورة الفاتحة، وتفسيرها في مدارسنا؟!..
أقول لهم:
لا تخوفوا المصريين من القرآن - هداكم الله - فآيات الجهاد، وسورة الفاتحة، من وضعها هو الرحمن الرحيم، وليست من وضع الأزهر، فما لكم كيف تحكمون؟!.
هل وصل التهور، والغلو أن يتجرأ البعض علي كتاب ربنا بعد أن تجرأ البعض في الفضائيات علي سنة نبينا، وكبار علمائنا؟!
هل هذا هو التجديد الذي يريده هؤلاء؛ وهو أن ننظر في آيات الجهاد تبقي بيننا أم لا؟ وأن نُقرر سورة الفاتحة أم لا؟.
ما هذا الهراء؟
وللحديث بقية