الوطن
د. أحمد عبد الظاهر
الأرض بتتكلم عربى؟!!
«الأرض بتتكلم عربى» أغنية مصرية قديمة، من كلمات الشاعر الكبير فؤاد حداد، وغناء وألحان الموسيقار الراحل سيد مكاوى. وتم تقديم هذه الأغنية داخل برنامج إذاعى شعرى، كتبه فؤاد حداد بعد نكسة 1967م مباشرة، ويحمل اسم «من نور الخيال وصنع الأجيال فى تاريخ القاهرة». وقد كان هذا البرنامج وأغنية «الأرض بتتكلم عربى» هما النبوءة الأولى بانتصار أكتوبر 1973م، حيث تنبأ به فؤاد حداد، على اعتبار أن الهزيمة جولة فى معركة نضال طويل، وأن الانتصار فى هذه المعركة سيكون فى صفنا لا محالة، وكان يرى النصر مقبلاً من عتمة الهزيمة.

وبعد الأوضاع المزرية التى تمر بها الأمة العربية حالياً، يحق لنا أن نتساءل عما إذا كانت الأرض ما زالت «تتكلم عربى». وهذا هو سبب وضع علامة الاستفهام وعلامتى التعجب فى عنوان هذا المقال. ومناسبة التساؤل أن يوم الثامن عشر من ديسمبر هو اليوم العالمى للغة العربية، والذى تم اعتماده بموجب قرار اليونيسكو الصادر سنة 2012م. وقد تقرر الاحتفال بلغة الضاد فى هذا التاريخ كونه اليوم الذى أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل فى الأمم المتحدة.

وبالنظر فى خريطة العالم العربى الحالية، والمقارنة بينها وبين خريطة الوطن العربى وقت ظهور الأغنية، يتضح أن بعض الأراضى خرجت عن نطاق السيطرة العربية، سواء بصفة رسمية كما هو الحال فى جنوب السودان التى استقلت عن جمهورية السودان الشقيق فى 9 يوليو 2011م، أو بصفة فعلية كما هو الشأن بالنسبة لمنطقة كردستان العراق التى تتمتع بالحكم الذاتى وتتحدث اللغة الكردية بدلاً عن اللغة العربية. ولعل ذلك هو الذى يوضح لنا سبب النص فى المادة الرابعة من الدستور العراقى لسنة 2004م على أن «اللغة العربية واللغة الكردية هما اللغتان الرسميتان للعراق، ويضمن حق العراقيين بتعليم أبنائهم باللغة الأم كالتركمانية، والسريانية، والأرمنية، فى المؤسسات التعليمية الحكومية، وفقاً للضوابط التربوية، أو بأية لغة أخرى فى المؤسسات التعليمية الخاصة».

بالإضافة إلى ذلك، وقعت بعض الدول العربية فى براثن الفوضى والحرب الأهلية، كما هو الشأن فى سوريا وليبيا واليمن، الأمر الذى ترتب عليه نزوح الملايين من أبناء هذه الدول إلى بعض الدول الأوروبية. وهكذا، تم تشريد العديد من الناطقين بلغة الضاد، بحيث صاروا لاجئين فى شمال البحر الأبيض المتوسط. وهكذا، يمكن القول بأن الأرض فى العديد من الدول العربية صارت تتحدث لغة البارود والسلاح، ولم تعد لغة الحوار العربية مستخدمة بين أبنائها.

ومنذ الإعلان عن توقيع الاتفاق النووى الإيرانى، لا يكاد يمر يوم إلا ونرى تعالى وتيرة خطاب الغطرسة الإيرانى ضد دولنا العربية فى منطقة الخليج والمنطقة العربية عموماً.

وأخيراً، ومع هبوب ريح العولمة، لم تسلم لغة الضاد من زحف اللغات الأجنبية عليها، ولا سيما اللغتين الإنجليزية والفرنسية. إذ تعانى اللغة العربية فى الوقت الراهن من الضعف والهوان، بسبب تخاذل أبنائها وتأخرهم عن مواكبة متطلبات العصر، بل واحتقار بعضهم للغتهم الوطنية، متباهين بالحديث فيما بينهم بلغة أجنبية أو إدخال مفردات أجنبية فى حواراتهم. وهكذا، يحق لنا مرة أخرى أن نتساءل: «الأرض بتتكلم عربى»؟!!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف