الوطن
نشوى الحوفى
«ميشيل دان».. كارنيجى والتمويل والكراهية
كنت ضمن وفد مصرى ضم شخصيات من بينها السفيران محمد العرابى ومحمود كارم ودكتور أندريا زكى، لواشنطن فى أكتوبر 2014، كانت لقاءاتنا فى الكونجرس والبيت الأبيض ومنظمات المجتمع المدنى لطرح رؤية مصرية. كان من بين من التقينا بهم حينها «ميشيل دان» الباحثة بمركز «كارنيجى» للسلام، أحد مراكز صُنع القرار الأمريكى.

كانت المرة الأولى التى ألتقى فيها «دان» التى لم يكن حديثها ينم عن أى سماحة تجاه مصر. وعلمت أن زوجها كان أحد المتهمين فى قضية تمويل منظمات المجتمع المدنى، المعروفة باسم القضية 173، التى أخرج الإخوان حينها الأمريكان المتهمين فيها عام 2012. يومها تحدثت «دان» عن مطالبتها الإدارة الأمريكية بمنع المساعدات العسكرية عن مصر لكل المخالفات الحقوقية التى تمارسها السلطة فيها منذ عزل مرسى فى 3 يوليو 2013!

كان ردى يومها على «دان» بأن ما تمنحه بلادها من مساعدات لمصر لا يدخل فى إطار المن، ولكن فى إطار اتفاقية سلام برعاية بلادها تحصل مصر بمقتضاها على مساعدات 1.3 مليار دولار بينما تحصل إسرائيل على مساعدات بقيمة 3.2 مليار دولار غير الأسلحة التى تحصل عليها فى أى وقت. وأن قيمة ما استفادت به من مصر من تلك المساعدات على مدار 30 عاماً لم يتعدّ 10% وفقاً لتحليلات البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة، بينما جنت الولايات المتحدة أضعاف ذلك. ولذا فمصر ليست اليد السفلى التى تأخذ وأمريكا ليست اليد العليا التى تمنح وأنه فى حال التفكير فى عدم الوفاء ببنود الاتفاقية فهذا يعنى حقنا فى مراجعتها. ثم سألت السيدة «دان» التى أعلنت بلادها الحرب على منطقتنا منذ 2001 بدعوى مكافحة الإرهاب: «ألا ترين ما نتعرض له إرهاباً يحق لنا مكافحته؟»، لكنها لم تُجب ولم أكن بحاجة لإجابتها.

تذكرت ذلك الحديث وأنا أقرأ مقالاً لـ«دان» على موقع كارنيجى نشرته بعد زيارة وزير الخارجية سامح شكرى لواشنطن، بعنوان «دونالد ترامب قد يخسر إذا أعطى عبدالفتاح السيسى ما يريد». تحدثت فيه بنفس العنجهية وأننا ذهبنا نستجدى عطاءهم قبل رأس السنة، ونُذكر ترامب بوعوده للرئيس عند لقائهما بأن يكون «صديقاً وفيّاً وحليفاً لمصر خاصة فى حربها ضد الإرهاب» -على حد وصفها- راصدة مطالب مصر بتقديم المساعدات الاقتصادية التى لم يتم صرفها نقداً، وتوفير مليارات عدة من الدولارات بصورة ضمانات قروض، واعتبار جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، وتسليم المطلوبين المصريين الموجودين فى الولايات المتحدة إلى الحكومة المصرية. وعلقت قائلة: ربما يكون السيسى أخطأ فى حساباته. إذ تتناقض الحملة المستمرة ضد منظمات المجتمع المدنى المصرية، مع سعى السيسى للحصول على قائمة رغباته بأكملها؛ فقد عكّر صفو زيارة شكرى لواشنطن «القضية 173» وقضية «آية حجازى».

تذكرت الاسم الذى طُرح من قبل بعض أعضاء لجنة العفو الرئاسى للإفراج عنها واعترضت لاتهامها فى قضية استغلال أطفال الشوارع بمنح من منظمات سياسية أمريكية للمشاركة فى أحداث العنف بالشوارع بعد يناير 2011، وكان ردى أن من تطالب أمريكا بالعفو عنه لا أكتب اسمه بيدى.

وبعيداً عن أطروحات ميشيل دان، دعونا نذكر ببعض النقاط المهمة. أولها أن منظمات المجتمع المدنى المُمولة أمريكياً لم تمنح بلادى ملمحاً للعدالة بحق دولارات التمويل. وقد سألت من التقيتهم من أعضاء الكونجرس عما إذا كان لديهم مقارنة بين حال بلادى قبل التمويل وبعده لنعلم ما تحصلنا عليه من فوائد. ثانياً أن مصر لا تستجدى من أحد عطايا رأس العام بل تطالب بما سبق الاتفاق عليه. وأخيراً أذكر رئيس بلادى بمقولته: «كان قرارنا مصرياً مستقلاً لم نستشر فيه أحد يوم 3 يوليو 2013» -كان يعنى به الأمريكان- ولذا فعلينا -رغم كل الضغوط- أن نُلهم عزيمتنا باستغناء يمنحنا الكرامة وإنتاج يحمينا باستغناء، وإصرار على غد نرسمه بعيوننا لجيل سيحاكمنا كما فعلنا بمن سبقونا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف