عبد الرحمن فهمى
الصحف والشاي والقهوة والأفيون
فكرة لا بأس بها لتفادي ارتفاع الأسعار.. الفكرة خطرت علي بال الزميلة "الأهرام".. فقررت خفض عدد الصفحات بدلاً من رفع السعر وياريت تطبق هذه الفكرة أيضاً مصانع وشركات انتاج السلع المختلفة.. لو تم خفض عبوة الزجاجات المختلفة قيراطين أو قيراطا ونصف قيراط لن يشعر المستهلك بذلك.. أحياناً يقع من الزجاجة ما هو أزيد من ذلك كثيراً عند صب السائل في الكوب أو الفنجان.. ولكن ماذا عن السلع التي تخضع للوزن والميزان.. كيف تنقص الكيلو أمام الزبون الذي لا تفارق عيناه رقم الميزان.. من الصعب تطبيق هذه الفكرة علي الكثير من المنتجات.. وهي منتجات حيوية لا غني عنها لأي بيت.. ما الحل؟؟ هناك حلان.. الحل الأول هو زيادة سعر المنتجات التي تخضع للميزان.. الحل الوحيد رأفة بالناس هو الاتفاق علي اعتبار الكيلو إلا ربع يكون بسعر الكيلو.. كل شيء ممكن حتي نمر من عنق الزجاجة الحالي.
طيب.. ماذا عن الأشياء التي تباع بالمتر.. الإجابة: نفس الحلين مطروحين.. إما رفع السعر أو تفاديه باعتبار ان المتر إلا العُشر مثلاً بثمن المتر!!!
***
لقد كان الاتجاه هو رفع سعر الجريدة اليومية بداية من العام الجديد نصف جنيه أكثر من الجنيهين.. ولكن عقلاء الصحافة رأوا ان نصف الجنيه لن يغطي الخسائر الضخمة بعد أن أصبح الدولار رسمياً ب 18 جنيهاً.. الدينار الكويتي وصل 60.5 جنيه!!! تصوروا ونحن نستورد أهم شيء من الخارج.. نستورد الورق والحبر!!!
في نفس الوقت القارئ لن يستغني عن الجريدة المفضلة.. كما سبق أن كتبت.. الجريدة أصبحت كوب شاي أو فنجان قهوة الصباح مع دخان السيجارة أو السيجار أو البايب ولا أريد أن أقول مثل قطعة الأفيون!!! عندما انطلق صوت أحمد سالم عبر المذياع يقول "هنا القاهرة" قال الناس لا داعي للصحيفة.. الأخبار الطائرة بكل تفاصيلها سيسمعونها من المذياع "الراديو" ولكن استمر الناس في شراء الصحف.. بل قيل ان الصحف زاد توزيعها لأن الحادث الذي وقع صوره في الجريدة وليس في الراديو.. ثم ظهر صاحب الصوت والصورة معاً قال البعض: "البقية في حياتكم... الصحف بدأت تغلق أبوابها".. أبداً.. استمرت الصحف وزاد توزيعها بزيادة عدد السكان.
ولما دخل التليفزيون مصر في يوليو 1960 قالت الأندية انها ستفلس لأن الناس ستفضل مشاهدة المباريات علي الشاشة في المنزل مع البيجامة وكوب الشاي.. أبداً.. زاد عدد المتفرجين.. البرازيل بنت استادا يتسع ل 250 ألف متفرج ضاق بالمتفرجين!!! حفلات أم كلثوم ظلت كاملة العدد بنفس السميعة... المشاهدة الشخصية للمباراة أو أم كلثوم متعة ليس بعدها متعة.
***
وبعد
* قبل تقليل عدد الإصدارات التي تصدرها الصحف.. بعض الصحف الكبري تصدر حوالي أربعين إلي خمسين مجلة.. قالوا هذا حرام.. وكان الرد: الحرام هو تشريد مئات من العاملين في هذه الإصدارات دون ذنب!!! ربنا يستر.