أعلنت كيليان كونواي مستشارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أنه مصمم علي نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلي القدس. وأن تلك الخطوة لها أولوية كبري من ترامب.
الخبر يفسر الماء بالماء. فالثابت تاريخياً أن اليهود لجأوا في تحالفهم الاستراتيجي إلي الولايات المتحدة. تزامناً مع قيام الدولة الصهيونية وبعد قيامها. وقد توالت التعهدات الأمريكية. منذ إعلان ترومان اعترافه بدولة إسرائيل. بضمان تفوقها العسكري علي كل الأقطار العربية. أي أن الملايين الاثنين. ثم الثلاثة. فالأربعة إلخ.. يجب أن تساند استيطانهم للأراضي التي احتلوها قوة عسكرية تفوق كل ما تملكه أقطار العرب!
وقد تعاون خبراء عسكريون إسرائيليون وأمريكيون في إعداد وثيقة مستقبل إسرائيل التي نشرها معهد الدراسات الاستراتيجية والسياسية المتقدمة في واشنطن "1996" واعتبرت الوثيقة ما سمي بتنازلات إسرائيل. آخر ما تقدمه لعملية السلام. وأنها يجب أن تستغل حالة الضعف العربي لتشن حرباً باردة. تتحول إلي حرب ساخنة. إن ظهرت بين العرب بوادر رفض أو مقاومة. والوثيقة تحفل بالكثير من النقاط التي تستهدف. ليس إملاء الإرادة الصهيونية فحسب. وإنما تحجيم الإرادة العربية إلي حد التلاشي.
لذلك فإنه يبدو من السذاجة أن يتجه العرب إلي واشنطن بطلب الوساطة بينهم وبين إسرائيل. أو أن يحدوهم الأمل في تفهم القيادة الأمريكية لما هو بديهي. وما تقره أبسط قواعد العدالة والسلوك الإنساني. إسرائيل ـ حتي الآن ـ هي التي تحدد كل شيء: ماذا ندرس. وماذا نهمل. ومناهج التعليم. ومدي التقدم. كل شيء يخطط له في تل أبيب. بينما تتولي واشنطن إبلاغ العواصم العربية ـ والإسلامية ـ والضغط عليها لتنفيذه.
ثبت ـ علمياً ـ عدم صحة أن النعامة تضع رأسها ـ في لحظات الخطر ـ داخل الرمال. لكن حكام أمتنا العربية يصرون علي أن يمارسوا فعل إخفاء الرءوس. في كل اللحظات. باعتبار أن الحذر مطلوب. وأن المساندة الأمريكية المعلنة لكل تصرفات الكيان الصهيوني تجعل السلامة من حسن الفطن.
بكلمات محددة. فإن إسرائيل هي أكبر متلق للمساعدات الخارجية الأمريكية إطلاقاً. ليس في فترة ما. بل منذ إنشائها. وكما يشير إدوار سعيد فإن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تتلقي المساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية. وكل شخص يرشح نفسه في إحدي المقاطعات. أو ينافس علي رئاسة الدولة. يجب عليه أن يعلن تأييده لإسرائيل دون قيد أو شرط.
ظني أن الرهانات متعددة. المهم أن نحسن إعدادها وتوظيفها. ومنها ـ علي سبيل المثال ـ ملامسة التقدم بصورة حقيقية. وإحداث تأثير في التبدلات العالمية علي القوة الأمريكية. بحيث نخفف من انحيازها ـ في الأقل ـ للكيان الصهيوني. وممارسة ضغوط اقتصادية علي دول الغرب بما يدفعها إلي مراجعة سياساتها في المنطقة. والسعي الدائب لكسب الرأي العام العالمي.