الوطن
ناجح ابراهيم
محمد والمسيح.. هل أضعنا رسالتيهما؟!
- محمد والمسيح عيسى عليهما السلام أقرب الرسل إلى بعضهما البعض فى كل شىء.. ورسالتاهما تخرجان من مشكاة واحدة هى عبودية الخالق والرحمة بخلقه.. فما جاء المسيح ليهلك الأنفس أو يقسو أو يشدد على الناس.. ولكنه جاء رحمة لهم، كما وصف نفسه «إن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل ليخلصها».. أى من الجور والظلم والمعصية والطغيان.. وهكذا وصف القرآن رسالة شقيقه محمد «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ» ووصفه أيضاً بقوله «لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ».

- لقد تشاركا فى تخليص البشرية من الظلم والبغى الذى جثم عليها كالليل اللانهائى الحالك، والآن تعود البشرية إلى الظلم والبغى وينسى بعض أتباع الرسولين معالم رسالتيهما.

- وتشاركا فى الأمر بالعبادة والتبتل فى بداية التكليف بالدعوة والرسالة.. فها هو محمد يتلقى نداء ربه «يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ» وهو نفس النداء الذى تلقاه عيسى «للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد» إنها التهيئة للرسالة وتحمل تكاليفها وأعبائها الثقيلة والآن لا يتخلى البعض عن العبادة فحسب ولكنهم يجحدون ربهم ورسالاته وكتبه.

- وتشاركا أيضاً فى أول كلمات دعوية يوجهها كلٌ إلى قومه، فإذا بالمسيح يهتف فى قومه «قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله -أى القيامة- فتوبوا وآمنوا بالبشرى».. وهو نفس الخطاب تقريباً الذى جاء به محمد «إن الرائد لا يكذب أهله والله لو كذبت على الناس جميعاً ًما كذبتكم إنى رسول الله لكم بين يدى عذاب شديد» واليوم أكثر الدعاة يهتمون بالدنيا أكثر من اهتمامهم بميراث الرسل.

- وتشاركا فى تحمل الأذى، فإذا كان المسيح قد أوذى فى أمه العذراء وطُعن فيها.. فقد أُوذى محمد فى زوجته الطاهرة عائشة.. وتشاركا الصبر على من آذاهما.. ولو أراد كل منهما الرد لاستطاع.

- وأوذى كل منهما فى نفسه، حتى إن اليهود والرومان حاولوا القبض على المسيح والفتك به ولكن الله نجاه ورفعه إليه وأكرمه.. وأوذى محمد قبل أن يؤذى أحد وكاد بعض المشركين أن يقتله أو يخنقه.. وهاجر كل منهما كما أسلفنا محمد إلى المدينة وعيسى وأسرته إلى مصر، واليوم لا يصبر الناس على الأذى ويحبون الانتقام ويدعون على الآخرين بدلاً من الدعاء لهم.

- وتشاركا فى التواضع وهضم الذات، فهذا عيسى يقول عن نفسه «من قال إنى صالح فليس أحد صالح سوى الله» إنه يتطابق مع قول شقيقه محمد لمن خاف منه «هون عليك يا أخى فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد فى مكة» وقوله «إنما أنا عبدالله ورسوله» واليوم الكبر يملأ النفوس والقلوب وتجد الموظف أو الضابط الصغير أو الداعية المبتدئ عنده كبر فرعون.

- وتشاركا فى العفو عمن أساء إليهما، فهذا عيسى يقول «من قال كلمة على ابن الإنسان -يقصد نفسه- يغفر له».. وهذا ما فعله محمد مع قريش وثقيف الذين آذوه وضربوه وشتموه فدعا لهم ولم يدع عليهم

- وتشاركا فى حب الفقراء والمساكين والبسطاء أو «الغلابة بلغة العصر» الذين لا سند لهم فى الحياة.. فصار كل منهما سنداً وعوناً لمن لا سند له أو عون.. فهذا المسيح يهتف فى الدنيا كلها «طوباكم أيها المساكين لأن لكم ملكوت الله».. وهذا محمد يدعو «اللهم أحينى مسكيناً وأمتنى مسكيناً واحشرنى فى زمرة المساكين».

- أما محمد فيمر على بيوته الهلال والهلال والهلال ثلاثة أهلة -أى أشهر- وما يوقد فى بيته نار-أى طبيخ ولحم- رغم أن الدنيا كلها ملك يمينه والآن كثر الجوعى، خاصة من اللاجئين والمشردين وأكثرهم من بلاد العرب المنكوبة بالصراعات التى لا تنتهى.

- والخلاصة أن دعوة عيسى تتطابق تماماً مع دعوة القرآن المكى كله وتماثله تماماً.. فسلام على عيسى ومحمد فى الأولين والآخرين وفى كل حين.

- فهل تشربت قلوب داعش هذه المعانى التى تفجر الكنائس والمساجد وتكفر الناس بغير حق؟!

- أين نحن من هدى محمد والمسيح؟! فلو طبقنا كل يوم حرفاً واحداً مما جاء عن النبيين العظيمين لكنا فى أحسن حال، ولكنا أعرضنا فأعرض الله عنا، ونسينا هدى الأنبياء فأنسانا الله أنفسنا ومصالحنا الحقيقية فغفلنا عنها وأصبحنا نفعل كل ما فيه مصلحة أعدائنا ومفسدة أمتنا.

- سلام على الأنبياء، سلام على محمد والمسيح وكل من تبعهما بإحسان وصدق وتجرد إلى يوم الدين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف