الخلافات بين الدول أمر طبيعي فلا يوجد دولتان تتطابق مصالحهما تماماً وإنما يكفي وجود أرضية مشتركة تدفعهما إلي البحث عن حل للمشكلات العارضة وإلي اتباع أساليب سليمة في إدارة هذه الأزمات وهذا ما يحدث في الاتحاد الأوروبي مثلاً الذي توجد فيه خلافات جذرية بين الدول كما في حالة الخلاف البريطاني الأسباني حول جبل طارق.
لذلك كان يجب الا يؤدي الخلاف بين حكومتي مصر والسعودية حول بعض قضايا المنطقة إلي إقدام الحكومة السعودية علي إرسال مسئول رفيع المستوي وهو مستشار خادم الحرمين الملك سلمان إلي أثيوبيا وان يعقد لقاءات حول سد النهضة فهذا العمل ليس موجهاً إلي الحكومة المصرية بل موجه إلي شعب مصر الذي تسعي أثيوبيا - بمساندة إسرائيلية وأمريكية - إلي الاعتداء علي حقوقه المائية من خلال مجموعة من السدود التي تقيمها علي منابع النيل الأزرق دون تشاور مع مصر.
إن سدالنهضة سيكون كارثة علي مصر والسودان.. بل ان الدول المتاخمة لأثيوبيا مثل كينيا بدأت تتضرر منه.
والسؤال كيف غاب هذا البعد إذن عن السعودية.. أما يكفي أن المملكة وباقي دول الخليج ضخت استثمارات زراعية ضخمة في أثيوبيا دون التشاور مع مصر ودون مراعاة طبيعة العلاقة المشبوهة بين نظام حكم التيجراي وإسرائيل ولم تحاول توظيف تلك الاستثمارات لصالح القضايا العربية والإسلامية.. ومع ذلك لم تعترض مصر.
من حقنا علي المملكة العربية السعودية وإنطلاقاً من الروابط التي تجمعنا إسلامياً وعربياً أن نعاتبها علي زيارة المسئول السعودي إلي سد النهضة في مظاهر احتفالية.
إن علاقات البلدين أكبر من أن يؤثر فيها أي شيء.. وظلت علي مدار التاريخ متماسكة وقوية حتي وإن اعترتها بعض الخلافات.. لقد أكدت مصر مراراً وتكراراً أن أمن الخليج امتداد للأمن القومي المصري وأن كائناً من كان لن يقوي علي تهديد الخليج أو المساس به.
إن القلب حزين لزيارة مستشار المملكة لسد "الخراب" لأن ما يجمع البلدين أكثر مما يفرقهما.. ومصر والسعودية ستظلان عماد وسند الأمة العربية والإسلامية وليس في صالح الجميع ظهور الخلافات علي العلن.
الحديث ذو شجون ويمكن أن يطول ويطول لكن نكتفي بهذا القدر.