الوطن
أحمد ابراهيم
الاستثمار مناخ وليس قانوناً!
الحكومة على وشك إصدار قانون الاستثمار الجديد، وتهدف من خلاله إلى تشجيع الاستثمار المحلى والأجنبى، ولكن على الحكومة أن تعلم أن الاستثمار قبل أن يكون قانوناً، فهو مناخ يبدأ من لحظة نزول المستثمر مطار القاهرة، ويتشاجر عليه سائقو التاكسى حتى إنهاء إجراءاته مع الجهاز الإدارى، وما أدراك ما الجهاز الإدارى. فى السطور التالية وقائع حدثت بالفعل مع بعض المستثمرين المصريين والأجانب، لعلها تفيد المسئولين لتهيئة مناخ الاستثمار قبل إصدار القانون.

مستثمر مصرى قال لى إن مؤسسات الدولة تتعامل معه على أنه حرامى وفاسد وسيئ النية وعليه عبء إثبات أنه شريف وصالح وحسن النية، والموظفون ينظرون إليه بالريبة، وأنه جاء ليسرق وينهب وعليه أيضاً إثبات أن هدفه العمل والإنتاج حتى يستفيد ويُفيد، حتى الإعلام يصور للمواطنين أن رجال الأعمال حرامية ولصوص ومافيا استيراد وأراض، مستثمر أجنبى يقول إننا نعامل المستثمرين بعدم احترام (بقلة أدب) ويعتبر الاستثمار فى مصر معركة سوف ينتصر فيها ويتخطى كل العقبات التى وضعتها أمامه مؤسسات الدولة وعندما فشلوا فى إحباطه اتهموه بغسيل الأموال!!فقدم مستندات بمصادر أمواله لجهة رقابية وخرج منها على مطار القاهرة إلى مسقط، ونقل إليها استثماراته، رجل أعمال روسى قال إن المستثمرين الروس أرسلوه للقاهرة على لوح خشب فى البحر لو نجا سوف يأتون خلفه للاستثمار فى مصر، مستثمر صينى فتح فرعاً لشركاته فى القاهرة منذ ثلاثة أعوام ولم يستطع الحصول على مشروع واحد وأوشك على الانتحار أو الرحيل؟ مجموعة من المستثمرين المصريين أنشأوا مدينة للصناعات الجلدية بمدينة العاشر فيها 113 مصنعاً، ومنذ 7 سنوات وهم يعانون مع أجهزة الدولة لتشغيلها، إغلاق المصنع الوحيد لإنتاج ألبان الأطفال فى مصر والشرق الأوسط (لاكتو مصر) لصالح مافيا الاستيراد وحينما يئس صاحبه من إعادة تشغيله هاجر بلا عودة، إغلاق المصنع المنتج لـ60%من المحاليل الطبية (المتحدون)، ومصر حالياً تشهد أزمة طاحنة وسوقاً سوداء فى الألبان والمحاليل، 5 آلاف مصنع مغلق بـ2 مليون فرصة عمل وعشرات المليارات من الدولارات، هذا قليل من وقائع يومية لطرد المستثمرين وتدمير الصناعة الوطنية لصالح الاقتراض والاستيراد، كل دول العالم تعتبر المستثمر هو الشخص المرغوب فيه رقم واحد وتحمله على الأعناق وتقدم له كل التسهيلات والإغراءات وتنهى إجراءاته وهو ما زال فى الطائرة، وهناك دول كثيرة أسندت إلى وزير خارجيتها حقيبة الاستثمار والتجارة وسفاراتها أصبحت مهمتها الأساسية هى الترويج للفرص الاستثمارية فى بلادهم، سفيرة لاتفيا قالت لى إنها فخورة، لأنها أدخلت منتجات دولتها الصغيرة للسوق المصرية، عكس ما يحدث فى مصر تماماً، فالمستثمر سيئ السمعة ومضطهد والاستثمار فيها ضرب من الخيال ومغامرة للأجانب، حتى المصريون أنفسهم الآن ينقلون استثماراتهم إلى الخارج وسفاراتنا المنتشرة فى معظم دول العالم لا تقوم بدورها الاقتصادى، على اعتبار أنها معنية بالشأن الدبلوماسى فقط، ومع ذلك الفرصة ما زالت قائمة للنهوض لأننا دولة تتوافر فيها مقومات الاستثمار، وأهمها القوى البشرية الهائلة التى تعتبر سوقاً كبيرة تتهافت عليها الدول. مطلوب مناخ للاستثمار قبل القانون وجهاز إدارى واحد فقط ينهى إجراءات المستثمرين فى أسرع وقت حتى لا نتركهم فريسة للفاسدين، والمستثمر الأجنبى لن يأتى إذا كان نظيره المحلى يعانى، والمصانع الوطنية مغلقة، واللهم احفظ مصر..
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف