عباس الطرابيلى
عصر السرقة.. وعصر التسقيع!
عصران نعيشهما الآن. أولهما عصر السرقة.. وثانيهما عصر التسقيع!!
فالعصر الأول ـ السرقة ـ عماده يقول من لم يسرق هذه الأيام.. فلن يسرق أبداً. يعنى اسرق واهرب. وأنت وحظك. فما دامت الشرطة لن تتحرك إلا لاحقاً ـ أى بعد ارتكاب الجريمة ـ فلا خوف عليك.. بل عليك أفضل الفرص للهروب من الملاحقة.. ومن العقاب. الملاحقة عندما لا تتحقق.. والعقاب عندما يتأخر.. وإذا نجحت فى الهروب من موقع الجريمة.. عندك 1000 فرصة وفرصة فى الإفلات.. وإذا وقعت فاطمئن.. لأن المحاكمات تطول لسنوات وسنوات وكله حسب براعة المحامين.. وبطء التقاضى، ولا تخش من طول الانتظار.
<< والعصر الثانى نعيشه هذه الأيام.. ونقصد به عصر التسقيع.. وزمان كان هذا التسقيع ينطبق فقط على أراضى البناء.. فأنت تشترى أرضاً على أطراف المدينة، أو القرية.. وعندما يجىء وقت دخولها الكردون تصبح مليونيراً.. وإن طال الزمن.
الآن أصبح الاستثمار فى الأراضى والعقارات هو الأفضل.. زمان كانت أغلى شقة لا يتعدى سعرها «500» ألف جنيه.. على النيل. الآن أقل شقة حتى شقق الحكومة «200» ألف جنيه، حتى فى المدن الجديدة، واسألوا من يكتوى الآن بأسعار هذه الشقق وسعيد الحظ من حصل على شقة فى أى كومبوند من «20 سنة».. الشقة كان سعرها «200»ألف جنيه من «4» غرف وصالة وتشطيب سوبر لوكس. الآن نفس الشقة قفز سعرها إلى ما فوق المليونين من الجنيهات أما أسعار الفيلات فالحديث يدور حول ملايين عديدة.
<< وخشية من استمرار تدنى قيمة الجنيه المصرى اندفع الناس إلى شراء الشقق والعقارات. فهى أفضل وعاء استثمارى الآن. يعنى أصبحت تنافس الذهب والماس، و السجاد العجمى النفيس.. ولذلك نجد أن أكثر شقق الأحياء الجديدة مظلمة ليلا. فلا أحد فيها، المشترى اشتراها ليحبسها «10 سنوات».. وبعدها يجد سعرها تضاعف «10» آمثال سعرها الأول.. وربما أكثر، وكذلك أسعار أراضى البناء.. ولذلك أتمنى ألا تتسرع الدولة فى بيع ما تملكه من أراض للبناء وغيرها.. وكفى ما سبق أن باعته تحت شعار الخصخصة عندما باعت أغلى ما نملك بتراب الفلوس.
<< والآن يطبق التجار نفس المبدأ. التسقيع!! فهم يشترون ويدفعون مبالغ طائلة فى شراء المخازن أو استئجارها لتخزين السلع. سواء كانت سلعاً معمرة.. أو استهلاكية.. وبالذات غذائية. فما يدفع فيه اليوم عشرة جنيهات ـ يصبح بعد شهور، بل أيام قليلة بعشرين جنيهاً.. حتى ولو كان ورق تواليت أو ورق مطبخ.. فما بالنا بزجاجات الزيت أو كيلو السكر أو الأرز.. بل أسعار كل شىء.
والتاجر هنا يربح أضعاف ما دفعه فى أى سلعة. هو لا يتعجل البيع بل ربما يمسك يده ولا يبيع.. وينتظر حتى ترتفع الأسعار.. وغالباً ما تقفز الأسعار ولاحظوا مثلاً سعر زجاجة الزيت.. تضاعف سعرها خلال شهرين على الأكثر. والسكر مثال ثان.. حتى سكر التموين تضاعف سعره.
<< والحل.. هو التسعيرة الجبرية.. أو على الأقل تحديد هامش ربح لا يزيد على «20٪» ليغطى تكاليف النقل والتخزين، بشرط التمسك بفواتير دقيقة.. مؤكدة لا لعب فيها.. أو انتظروا أن يغلق التجار محلاتهم أملاً فى ربح أكبر.. بعد أيام!!