مؤمن الهباء
مَنْ أشْعَلَ النِيرَانَ.. يُطْفِيهَا!!
تبشرنا تقارير صحفية عديدة بموجة ثالثة من ارتفاع الأسعار مع بداية يناير القادم. تشمل كل السلع.. بما فيها أسعار البنزين والمواد البترولية.. وتتواكب هذه التقارير مع الارتفاع القياسي الذي يشهده الدولار.. والذي وصل به لأول مرة إلي 19 جنيهاً.
لكن الأخطر من هذا ما جاء في تقرير نشرته "الدستور" يوم السبت الماضي تحت عنوان "المصانع مهددة بالإغلاق بعد توقف المنتجين عن استيراد المواد الأولية بسبب ارتفاع أسعار الدولار"!!
يقول التقرير إن أزمة المصانع المتوقفة تفاقمت بعد أن أحجم المنتجون عن شراء المواد الأولية بسبب ارتفاع سعر الدولار إلي 19 جنيهاً.. واحتساب الجمارك بهذا السعر.. وامتدت الأزمة إلي المصانع المختلفة وتفاقمت بصورة أكبر في قطاع الأدوية. خاصة بعد رفض وزارة الصحة إعادة تسعير الأدوية. مما نتج عنه إغلاق 600 مصنع جديد للأدوية والمستلزمات الطبية. تضاف إلي المصانع المتوقفة عن العمل.. والتي يبلغ عددها نحو 6222 مصنعاً. مما أدي إلي اختفاء 2000 صنف جديد من الأدوية.
وتكمن خطورة إغلاق المصانع في أنها ستؤدي تلقائياً إلي قلة المعروض من المنتجات. والتي يقابلها زيادة في الطلب. مما سينتج عنه ارتفاع الأسعار.. ولهذا يطالب الخبراء بإعفاء المواد الأولية التي تستخدمها المصانع من الجمارك.. مع وضع آلية تضمن استخدام هذه المصانع للمواد الأولية في الإنتاج.. لضمان عدم تسربها للبيع في السوق السوداء.
أظن أن هذه النقطة كانت غائبة عن أذهان الذين هرولوا إلي تعويم الجنيه دون النظر إلي الآثار الجانبية الخطيرة لهذا التعويم. مثل مشكلة ارتفاع الجمارك علي المواد الأولية وارتفاع قيمة الديون الدولارية إلي أضعاف قيمتها السابقة. والقفزة الهائلة التي حدثت في أسعار المواد المستوردة. خاصة المواد التموينية الأساسية مثل السكر والزيت.
وقد أكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع قيمة العجز في الميزان التجاري من 43.11 مليار جنيه في سبتمبر 2015 إلي 66.22 مليار جنيه في سبتمبر ..2016 ولكي يتم تقليص هذا العجز لابديل عن أمرين: الأول تخفيض الواردات عن طريق اتخاذ إجراءات جادة للترشيد والاستغناء عن استيراد السلع الاستفزازية والترفيهية. وترشيد استيراد السلع التي لها شبيه مصري.. والأمر الثاني زيادة الصادرات وتنويعها وتجويدها. حتي تستطيع المنافسة في الأسواق الخارجية.
أما تقرير المركز المصري للدراسات الاقتصادية. فقد أكد علي أن تخفيض قيمة الجنيه لن يحقق وحده التأثير المتوقع لزيادة تنافسية الصادرات في ضوء ارتفاع قيمة المكون المستورد للمنتجات المصرية.. لهذا فإن إجراء خفض حقيقي للعجز في الميزان التجاري يتطلب توسيع القاعدة الإنتاجية والعمل علي رفع جودة المنتجات المصرية سواء لتغطية احتياجات السوق المحلي. ومواجهة المنافسة في الأسواق المحلية. أو لزيادة المكون المحلي في الصادرات وزيادة قدرتها التنافسية.
وهذا كله يتطلب أن تعمل المصانع المصرية بكامل طاقتها.. وأن يتم فتح المصانع المغلقة منذ ما قبل 25 يناير 2011. وعددها بالمناسبة بالآلاف.. ولكن عندما تغلق مصانع جديدة بسبب ارتفاع الجمارك علي المكون الأجنبي. الذي يحتسب بسعر الدولار. فإننا نكون أمام أزمة حقيقية لابد من حل سريع لها. قبل أن تتفاقم. فيتوقف الإنتاج وترتفع الأسعار. ونصبح تحت رحمة المستورد.
هل الحل في رفع الجمارك نهائياً عن المواد الأولية.. أم في تخفيضها؟!!
المشكلة مازالت قائمة. وفي حاجة إلي تحرك حكومي سريع.. فإن من فتح الأبواب يغلقها.. وإن من أشعل النيران يطفيها.